سنوات موضي العشر
في كل حكومات العالم، هناك حقائب وزارية مهمة وأخرى ثانوية. وكلما زادت دكتاتورية الدولة زادت أهمية وزارتي الأمن والإعلام، ويكون لوزرائهما النصيب الأكبر من الاستقرار الإداري والسياسي مع نصيب ضخم من موازنة الدولة. ونجد الأمر ذاته، ولو بنسبة أقل، في الدول نصف الديموقراطية، أو الدكتاتوريات الغنية، حيث تعطى أهمية قصوى للوزارات المعنية بحفظ الأمن والإعلام والخارجية، وهي الجهات التي يطلق عليها، في الكويت مثلا، وزارات السيادة! ولو أعطيت وزارة مثل التعليم نصف ما أعطي من أهمية للدفاع أو الحرس والداخلية، لكان الوضع الأمني في الكويت - وغيرها من الدول الخليجية - أفضل بكثير! فالذي حدث أننا أهملنا التربية والتعليم، لكونها في نظر البعض وزارة ثانوية، ورأينا التغير المستمر في وزرائها وضعف غالبيتهم، وهذا سهل تسلل قوى الأحزاب الدينية المتخلفة والمتعصبة لمفاصلها والتحكم في مناهجها، فخرجت لنا مدارسها كمّا من المخرجات المتواضعة، إضافة الى كمّ آخر من مغسولي الدماغ والإرهابيين، الأمر الذي اضطرنا بعدها الى صرف الملايين على تأهيلهم وعلاج تخريبهم وملاحقتهم والاقتصاص منهم! ففي خضم «هوسنا» في الكويت بقضايا الأمن نسينا، أو تناسينا التربية والتعليم، فسيطر الظلام عليها، ونتج عن ذلك ما نراه من مخرجات أقلقت أجهزة الأمن، ليس لدينا فقط، بل وشملت بركاتهم روابي البوسنة وجحور افغانستان وسجون طهران وتلال اليمن وسهول العراق، وساهموا في نشر اسم الكويت «عاليا» في أكثر من سماء!
إننا بحاجة الى استراتيجية ورؤية تعليمية عصرية، تهدف الى فك سيطرة التيار الديني على مفاصل الدولة المدنية، وهذا يتطلب ثباتا وزاريا في مرفق التعليم بدعم كامل من السلطة، التي إن كان بإمكانها التجديد لحقائب وزارات السيادة دورة بعد أخرى، فإن بإمكانها في الوقت ذاته التمسك بوزير مستقر للتربية لسنوات تكفي لتطبيق خطة واضحة المعالم يتم من خلالها عصرنة المناهج وتخليصها من خرافات وخزعبلات «الإخوان» و«السلف» التي لا تمت للحاضر بصلة. وبالتالي، لا يوجد من في مثل كفاءة السيدة موضي الحمود وخبرتها لتبقى في منصبها لعشر سنوات مقبلة، لكي تتمكن من الخروج بنتيجة مشرفة، وسيقل بعدها الضغط على أجهزة الأمن.