الهيلق والفكر الخرب (2 - 2)
ورد عن الشيخ يوسف بن عيسى في كتابه «صفحات من تاريخ الكويت» ص 65: الهيلك: ليس لهذا الاسم اصل بالعربية، وانما هو اصطلاحي ومعناه ان خلقا من اهل فارس اصابتهم مجاعة وجاء عدد كبير منهم الى الكويت وسموا بهذا الاسم (!!) وهذه المجاعة حدثت سنة 1285هـ، وانتهت سنة 1288هـ. وقد قام اهل الكويت بالاعمال الجليلة من اطعام المساكين وانقاذهم من التهلكة. وقد بلغت الحالة ببعض اهل فارس ان باعوا بناتهم، وشربوا الدم، وممن صارت لهم شهرة طيبة بالاطعام، سالم بن سلطان، وعبداللطيف العتيقي، ويوسف البدر، ويوسف بن صبيح، وبيت ابن ابراهيم.
ثم جاء المرحوم حمد السعيدان ليقول في موسوعته ص 1610 «سنة الهيلك»: سنة ارّخ بها الكويتيون حدوث مجاعة عظيمة في فارس والجزيرة العربية (!) حيث عمت المجاعة المنطقة ثلاث سنوات عجاف، من 1868 حتى 1871 (!) وهاجر كثير من ابناء فارس والقحطان الى الكويت، وقام المحسنون هنا بنثر الطعام في الاسواق والطرقات، وقد اشتهر من اولئك المحسنين يوسف البدر، يوسف الصبيح، عبداللطيف العتيقي، سالم بن سلطان وبيت معرفي وبيت ابن ابراهيم وغيرهم.
وهناك مراجع أخرى عديدة تتداخل وتتضارب أحداثها وتواريخها مع ما ذكرناه أعلاه، وفيها تتنوع أسماء المحسنين والمناطق التي قدم منها «الهيلق»، فتارة تذكر مناطق نجد والجزيرة العربية، وتارة فارس أو إيران أو المنطقتين.. وهكذا!
فإذا كنا بكل هذا الضياع والاختلاف وعدم الدقة في رواية أحداث جسام وقعت قبل أقل من 150 عاما بكثير، وتمثلت في مجاعة مخيفة ضربت الكويت ومناطق مجاورة عدة لأكثر من 1000 يوم، فكيف يمكن أن نصدق أن هناك من يمتلك المعرفة والحقيقة عن أحداث أكثر جسامة وضبابية وقعت قبل 1500 عام، في زمن لم يكن يعرف القراءة فيه الا قلة القلة، ومن قرأ منهم لم يكن بكاتب ومن كتب فليس بالضرورة صادقا وخالياً من المآرب؟ وكيف يمكن أن نصدق أن هؤلاء الذين اختلفوا اليوم على ما سبق أن اختلف عليه الملايين ممن سبقوهم بقرون وقرون، على أحداث شديدة التضارب والاختلاف هم فعلا حسنو النية خالون من كل هدف خبيث، وعجبي لمن يصر على السير وراءهم ويصدق اقوالهم.