النائب الغلبان في محاضن الإخوان

غرد احد النواب قائلا انه عاش سنوات طويلة في محاضن الاخوان المسلمين في الكويت منذ طفولته، وحتى بداية دراسته الجامعية وله صداقات مع كثير منهم ويشهد بالله أنه لم يسمع منهم إلا كل خير وحرص على الوطن وتطوره وازدهاره. ولا مخططات لديهم للنيل من استقرار البلد وسلامة نظامه!
* * *
سنفترض بأن النائب يتصنع السذاجة، وأنه لم يسمع بجرائم الإخوان لكن من حقه علينا افتراض حُسن نيته، وأن نبين له بعض ما خفي.

أسس «حسن بنّا الساعاتي» حركته الدينية الراديكالية عام 1928، بهدف إحياء دولة الخلافة، التي سقطت في تركيا قبلها بأربع سنوات، ولتكون مصر المقر وهو المرشد والخليفة.

بسبب صعوبة تحقيق الهدف، مع تواضع إمكانات الجماعة، المادية والمعنوية جدا، سعى «البنّا»، للحصول على معونة من هيئة قناة السويس، البريطانية الفرنسية، وحصل على 500 جنيه، لكن سرعان ما اكتشف أن تحقيق أحلامه بالطرق التقليدية، بعد فشله في الانتخابات، ليس بالأمر السهل، وليس أمامه إلا العنف، إن أراد أسلمة الدولة، ورفض الدستور والنظام النيابى.

استخدامه للعنف قوبل بعنف مقابل من النظام الملكي وتاليا من النظام الجمهوري، ونتج عن ذلك وقوع مئات القتلى من الطرفين، منهم رئيسا وزراء، ماهر والنقراشي، وقاض كبير ومدع عام شهير، ومجموعة من المفكرين، غير ما تلى ذلك من محاولات اغتيال رؤساء كان آخره اغتيال الرئيس السادات. كما تم الزج بآلاف قيادات وكوادر الإخوان في السجون على مدى 90 عاما، ولا يزال الكثير منهم يقبع فيها، مع تكرار حل تنظيمهم ومصادرة ممتلكاتهم، وتشردهم خارج مصر.

يبين هذا التاريخ والصراع الدموي الطويل أن إخوان مصر، سعوا مرارا للوصول للحكم بالقوة، وشعارهم المتمثل بالسيفين وكلمة «وأعدوا»، خير دليل، وكانت تجربة حكم مصر من خلال «مرسي» بائسة وبينت فراغ فكرهم. وعليه فإن إخوان الكويت لا يمكن أن يختلفوا في أهدافهم عن إخوان مصر، وساذج من يعتقد عكس ذلك، فالسمع والطاعة للمرشد، وليس لأحد غيره.
* * *
يتبين من كل ذلك أن كلام النائب الغلبان بأنه لم يسمع منهم إلا كل خير وحرص على الوطن وازدهاره، وأن لا مخططات لديهم للنيل من استقرار البلد وسلامة نظامه، لا معنى له. فعندما وقع الغزو الصدامي الغاشم لوطننا، عندما كان النائب حينها ربما في العاشرة، وغالبا في «محاضن الإخوان»، كان الوطن ينزف دما لفقد أرواح أبنائه، وحرق ثرواته وخيانة أبنائه من «الإخوان»، وكنا ننسحق غيظا أمام شاشات التلفزيون وأجهزة الراديو ونحن نرى ونسمع سعي التنظيم العالمي للإخوان، وبينهم إخوان الكويت، لوأد عملية التحرير، وتنقلهم من لاهور لبغداد لعمّان لحشد التأييد لصدام، ودوسهم على مشاعرنا بتكرار الاجتماع به، وكل هذه الأمور «موثقة»، بالصوت والصورة، كدليل على خيانتهم لوطنهم.

وبعد التحرير، فرضت عليهم مصالحهم المالية والحزبية التحلل من خيانة التنظيم العالمي للكويت، والتبرؤ تاليا من الانتماء له، بعد قطع كل علاقة به، وتغير مسماهم السياسي بعيدا عنه، لكن ما ان اطمأنوا لقوة وضعهم، بعد بضع سنوات، حتى عادوا وأعلنوا أنهم جزء لا يتجزأ من الإخوان المسلمين، وكل الأدلة على ذلك موجودة على النت، فهل بعد كل ذلك يعتقد النائب ان الإخوان، الذين عاش في محاضنهم طفلا وشابا، حريصون على وطنهم وازدهاره، ولا نية لديهم للنيل من استقراره وسلامة نظامه؟

هل سأل النائب يوما نفسه لماذا تعرض تنظيمهم للحظر في عشرات الدول، وحاربته بصورة شرسة غيرها، وصنف كمنظمة إرهابية في عدد منها، ومنها من ندين له بالاحترام الكبير؟

ولماذا تعرض عشرات آلاف كوادر الإخوان للقتل والسجن، على مدى 100 عام تقريبا؟

وما سبب «تكالبهم» على جمع الثروات من خلال عشرات الجمعيات الخيرية، والأنشطة التجارية، والاستثمارات، ودعم مرشحي الحزب للانتخابات؟

ولماذا الإصرار على اختيار أكثر الأشخاص سوءا، لتمثيلهم والتحدث باسمهم، هل لأن هذا الحزب الديني يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، وإن كانت قذرة!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top