الاستعانة بخريجي الشريعة لرصف الطرق..!
معالي وزيرة الأشغال: بدايتك في الوزارة لم تكن مغايرة لمن سبقك، أو سبقتك، فقد بدأت عملك الوزاري بارتداء قبعة الحماية والسترة الصفراء والتجول بين ورش إصلاح الطرق. وبسبب أخطاء من سبقك وخواء كيس الوزارة من المال، طلبت من بعض شركات المقاولات القيام ببعض الإصلاحات التجميلية، مجاناً!
من جانب آخر يكاد الكل يشيد بطيب خلقك وصحيح نواياك، وعدم وجود ما يثير الريبة في سيرتك العملية السابقة، ولاشك أنها أمور مهمة في وقتنا، ولا شك أيضا أنك اكتشفت أن حل مشكلة الطرق ليس بتلك السهولة، وربما لو كنت تعلمين عمق «مأساة» الوزارة وتردي أوضاعها لطالبت بحقيبة أخرى، غير الأشغال التي عرف عنها، تاريخياً، فسادها الذي لا تسعه كل تريلات الدولة!
* * *
كررنا الكتابة، وغيرنا فعل ذلك، بأن حل وضع الطرق يتطلب وجود جهاز فني حكومي نظيف وأمين ومؤهل، يمتلك النزاهة والمعرفة لمراقبة كامل عملية الرصف، ابتداء من صلاحية مصنع الأسفلت، وطريقة عمله والمواد المستخدمة، ومطابقتها لكل المواصفات، وانتهاء بعملية الرصف، حسب المعايير الدولية المعتمدة، مرورا بصحة نقل المواد للموقع، والتيقن بأن كل المتطلبات الفنية الضرورة مطابقة، مع ضمان تعاون الداخلية مع الوزارة في عملية الرصف!
باختصار شديد، وبشهادة الجميع، لا يوجد هذا الفريق القادر على القيام بهذه المهمة في الوزارة، مع الاحترام الكبير للقلة، وبغياب هذا الفريق لا يمكن إقناع أي طرف بأن ما سيتم تنفيذه، في الأشهر القادمة سيكون مطابقاً للمواصفات العالمية، فالوزارة، يا سيدتي العزيزة مخترقة.. ومخترقة للعمق. ولا أعتقد أنك لم تفاجَئي بأن من يفترض أن يكونوا من كبار مساعديك، خاصة في الجانب التقني البحت، ومنهم خريجي كلية الشريعة، فأية مصيبة ابتليت بها الوزارة، ومن هذه الجهة التي أجازت هذا التعيين، حتى لو كان بالتكليف والتشريف؟
أمامك يا سيدتي، بحكم خبرتي المتواضعة، طريق واحد لإنهاء الوضع الكارثي للطرق، ولا أتكلم هنا عن وضع الوزارة المأساوي، فلا حل قريباً له. عليك الاستعجال في طرح مناقصات إصلاح الطرق بأسرع وقت ممكن، ودعوة شركات المقاولات المحلية، وحتى الأجنبية للمشاركة فيها. وضرورة، أكرر ضرورة، إحضار فريق رقابي خارجي للإشراف على كل مراحل الرصف، وهذا يتطلب كسر الروتين والخروج عن المألوف، ولو تطلب الأمر السعي للحصول على دعم ومساندة أعلى المراجع لتنفيذ هذا الأمر، فكامل كادر الوزارة «عاجز وغير مؤهل، ولا هو أهل» أبداً للقيام بمهمة ثبت، لآلاف المرات، فشله في القيام بها!
كما أقترح وضع لافتات كبيرة أمام كل مشروع طريق، يبين اسم الشركة المنفذة، لكي يعرف الجميع الجهة التي قامت بتنفيذه، وليكون بينة عليها مستقبلاً، خيراً أو شراً!
مع تضمين عقود الترسية شروطاً جديدة تتعلق بكفالات الأداء والصيانة، بحيث تكون مدتها أطول قليلا من الحالية، وقابلة للتنفيذ الفوري دون العودة للمقاول، إن تراخى في تنفيذ بند الصيانة مستقبلاً.
لاشك أن الموضوع ليس بهذه السهولة، ولكن متى ما توافرت النية الطيبة والإرادة القوية، فلا شيء يصعب تنفيذه.
مع تمنياتي لك بالتوفيق.
أحمد الصراف