طاولة العشاء المضادة للزلازل
دعيت قبل أيام لحفل غداء أقامته «الجمعية المارونية في الكويت» في فندق «سانت ريجيس» الجميل، بمناسبة عيد القديس مارون.
مارون أو القديس مارون أو مار مارون، كما هو شائع، ناسك وراهب وكاهن عاش في شمال سوريا خلال القرن الرابع الميلادي، ويعتبر واحداً من أشهر الشخصيات السوريّة السريانية الكنسية، ويوصف بالمؤسس والشفيع والأب. ويقول المطران يوسف الدبس، رئيس أساقفة بيروت المارونية، في كتابه «الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل»، الذي صدر في أواخر القرن 19، أن تاريخ الموارنة يبدأ بمناقشة مار مارون، الذي يعتبر مؤسس هذه الطائفة وشفيعها، وأنه لا توجد اليوم سيرة مفصلة أو سجل دقيق عن حياة مار مارون ونشاطاته، وتعتبر شهادة أسقف المنطقة التي تنسك بها «مار مارون» «ثيودوريطس» المرجع الأساسي الوحيد عنه، وكيف أنه كان المسؤول الأول عن نشر المسيحية في شمال سوريا، التي كانت الوثنية متجذرة فيها مع بدايات القرن الخامس.
رغم عدم وفرة المراجع القديمة، التي تذكر سيرة مار مارون، فإنّ مختلف الدراسات والأبحاث التي وضعت حوله وحول الكنيسة المارونية عموماً، خصوصاً إثر تأسيس المدرسة المارونية في روما أواخر القرن السادس عشر، إلى جانب عمليات التنقيب والبحث شمال حلب أواخر القرن العشرين، أدت إلى رسم صورة تفصيلية عن حياة القديس مارون وأنشطته الكنسية.
* * *
لدى وصولي لموقع الحفل، أخذني رئيس الجمعية، الأخ جوزيف اسطفان، وأجلسني على الطاولة الرئيسية، التي كانت كراسيها العشرة خالية إلا من رجلي دين، معتمد مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز في الكويت الشيخ نسيب قانصو، والمطران غطاس هزيم المتروبوليت على بغداد والكويت وتوابعهما.
شكرته على مكان جلوسي المميز، وقلت له، مازحاً، إن طاولتنا أخذت حصتها من رجال الدين، الذين كنت أتوقع وصول الكثير منهم تباعاً!
لم يخب ظني، فبعد لحظات حضر راعي كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك الارشمندريت بطرس غريب، وأخذ مكانه على طاولتنا، وبحكم أنه صديق عزيز، فقد كان طبيعياً أن يجلس معنا، ثم شرفنا راعي الكنيسة المارونية في الكويت الخورأسقف ريمون عيد، وكونه يمثل رأس الكنيسة المارونية في الدولة، فكان جلوسه على طاولتنا أمراً يدعو للسرور. وبسبب التشكيل الرائع، والجاذب، لمن كان على الطاولة من «خوارنة محترمين»، فإن راعي الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية، الأب أرداك كياباني، والنائب البطريركي عن الكويت والجوار للأرمن الأرثوذكس المطران بدروس مانووليا لم يترددا في الجلوس معنا، ربما بحكم أنني الكويتي الوحيد، الذي كتب رواية عن معاناة الأرمن، التي جسدتها في رواية «عبداللطيف الأرمني»!
ثم شرّف الحفل الخورأسقف جورج أبي سعده، ممثلاً عن غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، رأس الكنيسة المارونية في لبنان، وحضر أبي سعده خصيصاً لهذه المناسبة.
وهكذا اكتمل حولي، أنا المعروف بليبراليتي، بحضور الأخ أحمد عرفه، القائم بالأعمال اللبناني، والمضيف الأخ اسطفان، مع هذا الخليط الرائع من سبعة رجال دين، وكان وجودهم مصدر اطمئنان بأن طاولتنا، في حال وقوع كارثة ما، كزلزال، ستكون الأكثر أماناً، ولم يكن غريباً أنها كانت الطاولة الأكثر جذباً للمصورين.
أحمد الصراف