بغلة الوالي وفضيحة الكلية العسكرية
تطرقنا في مقال الأمس لموضوع مخاطرة «جحا» بتعليم بغلة الوالي كيفية القراءة، وكيف أنه اعتمد على الزمن حلاً لورطته، ووجدت أن وضعه ينطبق على حادثة عدم قبول أعداد كبيرة من الشباب للالتحاق بدورة الضباط في كلية «سعد العبدالله»، وكيف أن من قام بارتكاب تلك المخالفة الخطيرة، بحق الوطن وبحق من تم إلحاقهم بالدورة، اعتمد على عامل الزمن، لكن يبدو أن حساباته، في هرولته للوصول إلى مبتغاه، كانت خاطئة تماماً. وكان عملاً رائعاً وغير مسبوق في تاريخ وزارة الداخلية، إصدار بيان يبين حقيقة ما حصل، وهو بيان يُشكر عليه وزير الداخلية، بالوكالة، شخصياً، فبصماته كانت واضحة بين سطور البيان.
ساهم البيان في وضع حد لما انتشر من إشاعات وأقاويل، تتعلق باستبعاد بعض العسكريين من التخرج، في كلية سعد العبدالله، إضافة إلى عدم صرف المستحقات المالية لبعضهم الآخر، حيث بينت الوزارة حرصها على نفي الإشاعات، خاصة التي تناقلتها حسابات إلكترونية غير مسؤولة، وأنها لا تنكر ما ذكر عن الاستبعاد، حيث تم بناء على اعتبارات قانونية وأمنية وإجرائية، كان من شأن إغفالها تعريض أمن الدولة للضرر، إذ إن من بين من تم استبعادهم من تنطوي بياناته على نقص، وتناقض في شروط الالتحاق بالدورة المذكورة، بخلاف وجود ملاحظات أمنية في بيانات وملفات البعض الآخر. كما إن من استبعدوا قد تم إلحاقهم بالدورة بـ«قرارات استثنائية» مخالفة للقانون، الأمر الذي استوجب إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، حماية للجوانب القانونية والأمنية.
إما بشأن عدم صرف المكافأة المالية للطلبة منتسبي الأكاديمية، فإن ذلك يرجع للضغوطات النيابية، في المجلس السابق، التي أدت إلى قبول أعداد أكبر بكثير من الطاقة الاستيعابية للكلية، وما خصص لهم من أموال في الموازنة. فعدد الطلبة كان يفترض أن يكون بحدود 900 طالب ضابط، لكن التدخلات النيابية أضافت 390 طالباً خارج نطاق الميزانية المرصودة، وتسبب ذلك في عدم صرف مستحقات هؤلاء، علماً بأن الداخلية تتواصل مع وزارة المالية لحل مشكلتهم، وعدم الإضرار بهم.
كما أكدت الوزارة، في بيانها، أن نهجها الدائم الالتزام بالدستور والقوانين، ولا شك أنها تتكلم بالذات عن المرحلة الحالية، فلو كان هذا هو نهجها، لما كانت تلك المخالفات قد وقعت أصلاً، فشكراً لمعالي الوزير، ونتمنى أن يترسخ نهج احترام القوانين.
* * *
يتبيّن من بيان الوزارة أن جهات في حكومة أحمد النواف، سعت، عن سبق علم غالباً، بإهمال جوانب أمنية مهمة، وقبول أعداد أكبر من القدرة الاستيعابية للكلية العسكرية، إضافة إلى قبول من عليهم قيود أمنية وإجرائية، ليكونوا رجال حماية أمن الوطن مستقبلاً، إكراماً لخاطر نواب في المجلس السابق، بغية شراء ولائهم لتحقيق هدف ما، وهذا ما سبق أن حذرت منه المقامات العليا في خطابها التاريخي!
لا يسعنا هنا إلا تقديم خالص الشكر للقيادة الحكيمة، ولإصرار وزير الدفاع، وزير الداخلية بالوكالة، على الاستمرار في إجراءاته الإصلاحية، وتنظيفه الوزارة مما علق بها من شوائب خطيرة وضارة.
* * *
غالباً، لن تحاسب أية جهة رسمية سابقة عن المخالفات الجسيمة أعلاه، وهذا يعني أن ارتكابها سيتكرر مستقبلاً.
أحمد الصراف