ذكرى شخصية نادرة
حصل على بكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأمريكية في القاهرة عام 1961، وعلى دبلوم في الاقتصاد من أوكسفورد البريطانية عام 1963، وتقلد العديد من المناصب الإدارية، وتقلب في مناصب رفيعة عدة، قبل أن يقرر عام 1967 دخول عالم السياسة والترشح لانتخابات مجلس الأمة، لكنه لم يوفق. عاد ورشح نفسه في الانتخابات التالية، وفاز بمقعد في دائرته الانتخابية، وهكذا استمرت مسيرته السياسية في مجلس الأمة حتى عام 2006 عندما وجد أن تيارات كثيرة وقوية تقف ضده، فقرر اختيار التنحي.
هذه باختصار المسيرة السياسية الثرية للصديق والراحل الكبير عبدالله محمد النيباري، الذي تمر اليوم 20 مارس، الذكرى الثانية لوفاته.
لم يكن عبدالله النيباري شخصية سياسية عادية، بل كان ندا «نبيلاً» وقوياً لكل من عارضه، واحتفظ بخلقه ونظافة يده طوال مسيرته السياسية الطويلة، ورفض الانحناء لمختلف الضغوط أو قبول المغريات، وبقي أميناً، مع رفاق دربه، على مبادئه، حيث وقف بقوة غير عادية لمن نهبوا أموال الدولة، خلال فترة الغزو وبعدها، ونجح، وغالباً منفرداً، في جرهم للعدالة وإدانة غالبيتهم، لينالوا عقابهم، مواقفه هذه وآراؤه مهدت تالياً لتعريض حياته وحياة شريكة حياته للاغتيال «السياسي». ففي طريق عودته وحرمه فريال الفريح معه في السيارة، في شهر يونيو 1997 إلى المنزل من الشاليه، تعرضا لإطلاق نار كثيف، أصيب فيه بجروح خطيرة ناحية الكتف الأيسر والفك السفلي بينما أصيبت زوجته بطلق ناري أسفل الكتف، وكان منفذو الاغتيال في سيارتين، عندما نصبوا كميناً له في طريق مهجور قبل أن يطلقوا النار عليه وزوجته، وكانت محاولة اغتياله الحادثة السياسية الأشهر في التاريخ الحديث، ونالت تغطية عالمية، نظراً لمكانة النيباري وسمعته الطيبة في كثير من المحافل الإقليمية والعالمية.
تم التعرف والقبض على الجناة تالياً، وقدموا للمحاكمة، وبعد أقل من سنتين أيدت محكمة التمييز حكمي المحكمة الكلية ومحكمة الاستئناف بحبس المتهم (س. ش) حبساً مؤبداً، وحبس المتهمين الإيرانيين، اللذين شاركا في العملية، حبساً مؤبداً، وحبس المتهم الرابع، الكويتي (ع. م) عشر سنوات. لكن بعد بضع سنوات، تم العفو عن المواطنين المتهمين بمحاولة اغتياله، وكان للفقيد النيباري دور معروف في ذلك. وأطلق سراحهم.
توفي عبدالله النيباري، مساء يوم الأحد 20 مارس 2022 عن 85 عاماً، وشيع في جنازة مهيبة، وبحضور جمع غفير من أهل الكويت، نظراً لمكانته الكبيرة وتاريخه الشخصي والسياسي المشرف الذي لم تشوبه شائبة!
رحل الفقيد ولم تفكر أي جهة، تقديراً لخدماته الوطنية، وجليل أعماله، ودوره الضخم في تأميم نفط الكويت، وما قام به من مساهمات فعالة في إصدار عشرات التشريعات الخطيرة والمهمة، بخلاف مواقفه الوطنية، لم تفكر في إطلاق اسمه على أي شارع، سواء في منطقة سكنه في ضاحية عبدالله السالم، أو في أي منطقة أخرى، في الوقت الذي أطلقت فيه أسماء نكرات على أوسع وأطول شوارع الكويت، على يمين ويسار منطقة سكنه.
أحمد الصراف