تصورات العراقي حسين سعدون الحيدري

في سؤال للحيدري، من خلال فيديو وجد رواجاً كبيراً لأسباب معروفة، عن سبب عدم نجاح الديموقراطية لدى الشعوب الشرقية، وبالذات العربية، ونجاحها في الدول الغربية، رد بعدم وجود إجابات مطلقة، وأن الديموقراطية بحاجة للوعي، مع حاجتها لحرية صحافة ومجتمع مدني، لا دور للفتاوى فيه. وأن طه حسين سبق أن قال، قبل 100 عام، إن الديموقراطية نجحت في اليونان لأن لديهم حضارة، أما العرب فقد فشلت لديهم، لأنهم أصحاب حضارة بداوة. أما أرسطو فقد قال: «إن الشعوب الشرقية» شعوب بربرية فكيف تنجح فيها الديموقراطية؟

لا أتفق مع كلام حسين سعدون الحيدري، ولا مع ما أضافه من قول يتعلق بعدم استعداد مجتمعاتنا للديموقراطية، وإن دول شرقي آسيا، مثل الصين واليابان، ليست بها ديموقراطية؟ ربما نسي الأخ الحيدري أن اليابان تعتبر من أعظم ديموقراطيات الغرب منذ عام 1946، ولم يخدشها أمر منذ يومها. ولكن كيف نسى أو تناسى ذكر عشرات الدول الأخرى، خارج المنظومة الغربية سواء في جنوب شرقي آسيا أو في أفريقيا أو أميركا الجنوبية ، مثل جنوب أفريقيا والبرازيل وتشيلي كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وماليزيا وغيرها الكثير، تتمتع بالديموقراطية منذ ستين عاماً.
* * *
التساؤل عن صلاحية الديموقراطية هنا وعدم صلاحيتها هناك يشبه التساؤل، إلى حد كبير، عن سبب نجاح زراعة منتج ما في هذه المنطقة وفشلها في منطقة أخرى، والجواب معروف ويتعلق بالبيئة، من ماء وتربة وحرارة وخبرة، وغيرها من عوامل، لكن الإنسان تغلّب عليها جميعها من خلال زراعة «البيوت المحمية»، التي تتوافر فيها البيئة الصالحة لزراعة أي منتج. والبيوت المحمية تقابلها في الديموقراطيات الوليدة التعليم الجيد وتدريس مواد الدستور، ونشر فضيلة قبول الاختلاف، وتنشئة الأجيال القادمة على التعايش. أما القول إن الديموقراطية لا تنفع شعوبنا فقط لأننا شرقيون، فهو كلام بعيد عن الحقيقة تماماً.
* * *
للبعض مآخذ عدة على الديموقراطية الكويتية، وأعداد هؤلاء في تزايد مع فشلها المتكرر، ولكنه فشل مصطنع يصب في مصلحة فئات محددة ومعروفة لا تناسب الديموقراطية مزاجها ولا أرصدتها المصرفية، فهي تعني الحرية، وتعني الرقابة والمحاسبة والاستجواب، لذا كان رائعاً دائماً تكرار تأكيد القيادة على التمسك بالديموقراطية في جميع الأحوال، فهذا خيارنا، وهذا مصيرنا.

تخيلوا معي لو باشرت الحكومة، مع أول انتخابات نيابية، بالسعي إلى نشر وتعليم وترسيخ ثقافة الديموقراطية بين مختلف فئات المجتمع، من خلال المناهج الدراسية وكل وسائل الإعلام، فهل كانت صورة أو سمعة الديموقراطية وممارساتها، ستكون بهذا السوء؟

ولو سعت الحكومات المتعاقبة، من خلال كل ما كانت تمتلك، ولا تزال، من وسائل وقوة ومال، في منع الفئوية والمناطقية والقبلية والطائفية، فهل كنا سنصل إلى هذا الدرك من التشرذم؟

لا يزال في الوقت متسع، وقد تكون الفرصة الأخيرة في تعديل الأوضاع، من خلال مجموعة من الإجراءات، التي قد تكون مرفوضة من البعض ومؤلمة للبعض الآخر، ولكنها ستصب، في النهاية، لمصلحة الوطن، وهذا يعني لمصلحة الجميع.

إن كان طريق الوصول للديموقراطية الصحيحة طويلاً، فيجب السير فيه فوراً، وإن كان الوقت لم يحن لتطبيقها لدينا، فمتى سيأتي هذا الوقت؟

الطريف، أو المحير، أن الجميع تقريباً لا يريدون الديموقراطية! والجميع يكرهون الدكتاتورية، وما يرافقها من بطش وتعسف! لكن لا أحد تقريباً لديه فكرة عن البديل الأمثل!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top