صدام.. وأسبوع الآلام
يعتبر هذا الأسبوع بالنسبة لآلاف الأسر الكويتية، وأضعاف أضعافهم من الأسر العراقية، أسبوع الآلام والذكريات الحزينة، مع حلول ذكرى الغزو والاحتلال الصدامي لوطننا العزيز في 2 أغسطس 1990.
34 عاماً مرت على أغبى غزو دولة لدولة أخرى، دع عنك كون المعتدية شقيقة كبرى للمعتدى عليها، حدث ذلك دون مبرر منطقي، فكانت النتائج كارثية على العراق وشعبه، حيث تجاوزت الخسائر المادية عشرات مليارات الدولارات، وفقد عشرات آلاف المدنيين، وأضعافهم من العسكريين أرواحهم في تلك الحرب العبثية الأكبر في تاريخ المنطقة، والأسوأ من كل ذلك أن لا جهة تعرف، أو حتى اكترثت لمعرفة عدد القتلى العراقيين، في تصرّف يمثّل قمة الاستهانة بالروح البشرية، ودليل على أن الإنسان، في الدكتاتوريات، والأنظمة القمعية، لا معنى ولا وجود له.. و«يا محلى النصر بعون الله»!
* * *
خطأ صدام في غزو الكويت كان مميتاً، دفع ثمنه غالياً جداً هو وشعبه وأسرته، وجعل مصير ومستقبل العراق غامضاً، ومأساوياً، لسنوات طويلة مقبلة، بعد أن أوصله إلى قمة اليأس والإفلاس المالي والفكري والقومي، مع وفاة فكرة القومية العربية، وانسحاق شعار «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة»، التي مات كل كبارها ومؤسسيها، دون أن يخبرونا عن مضمون تلك الرسالة!
لم تكن صادمة قراءة ما ورد في مذكرات الراحل د. أحمد الخطيب، من أنه فهم من لقاءاته مع الأمير الجليل الراحل عبدالله السالم، وفي أكثر من مناسبة، أنه لم يكن يحبذ وجود أية علاقة للكويت، سواء مائية أو مالية أو اقتصادية، مع العراق، لعدم اطمئنانه لنوايا من تولوا زمام الأمور فيه، سواء في العهد الملكي، أو بعد انقلاب قاسم، الدموي، ومن جاء بعده. لكن يبدو أن قدرنا يحتم علينا أن نعيش مع عراق مستقر وآمن، ولا يبدو أن ذلك سيتحقق في المستقبل المنظور، كما نأمل، وكما يتمنى كل عراقي مخلص.
* * *
يقول نزار حمدون، 1944 - 2003، الذي شغل مناصب حساسة في إدارة صدام، بعد انتهاء مهامه كسفير في واشنطن، في مذكراته، إنه بالرغم من خلفيته البعثية والقومية، وإيمانه بالوحدة، فإن استخدام القوة والإلحاق القسري للكويت بالعراق كان خطأ كبيراً. كما أن تعامل العراق مع الكويت كان وحشياً، حيث تم إعدام الكثير من الكويتيين، الذين رفضوا التعاون مع المحتل، خاصة أولئك البعثيين، أمثال فيصل الصانع وغيره، لمعارضتهم الاحتلال، ورفضهم تبوؤ أية وظائف وزارية. وقال إن مجرمي صدام، من أمثال حسين كامل، وسبعاوي إبراهيم، وعلي حسن المجيد، عاثوا خراباً وسرقة كل ما وقعت عليه أيديهم في الكويت، وارتكبوا المجازر، في مدينة يفترض أنها المحافظة العراقية 19، فكيف يسرق صاحب البيت بيته؟
ويتساءل حمدون، باستنكار: هل «النهب المنظم»، الحكومي في أغلبيته، وقتل الأبرياء، ينسجمان وفكرة أن الكويت جزء من العراق؟ فكيف يمكن تبرير قيام هؤلاء المجرمين بسرقة حتى إشارات المرور؟
وقال إن ما سُمّي بـ«الحل العربي» للوضع كان مجرد غطاء مكشوف لشراء الوقت، من أجل تكريس الغزو، وبقاء العراق في الكويت للأبد، فلم يكن هناك حل عربي، والقيادة العراقية كانت بأكملها مشغولة بامتصاص كل ممتلكات الكويت بشكل همجي بشع! وان كل الدول التي نادت بالحل العربي، وهي ليبيا والأردن واليمن والسودان، وتونس، كانت إما غير مدركة لنوايا صدام الفعلية، أو اتخذت مواقفها لأسباب تخصها. ولو كان العراق معنياً بحل عربي لما دخل مدينة الكويت، أصلاً!
أحمد الصراف