ماليزيا.. وبيع السيارة نقداً

بعد تأخر استمر 30 عاما، أصدرت وزارة التجارة قرارا منعت فيه بيع أو شراء السيارات نقدا، إذا تجاوز ثمنها 1500 دينار، وأتت خطوتها التي طال انتظارها ضمن تحركات أوسع في نفس الاتجاه لتحسين سمعة البلاد في التقييمات الدولية، ومحاصرة شبهات «غسل الأموال وتمويل الإرهاب»، ولولاها لبقي الوضع كما هو، علما بأن الأموال النقدية الضخمة، التي تتسرب للجهاز المصرفي، هي في غالبيتها أموال مخدرات!

ستحدّ إجراءات الوزارة حتما من تضخّم الحسابات والبيع الورقي، الوهمي، اللذين أصبحا، في السنوات الأخيرة، يشملان مجالات عدة من ساعات وعقار، وحتى بيع الجمال والأدوية، وغيرها.

وكان لافتا الخطأ الذي وقع به أحد كبار الزملاء، عندما قلل، في مقال له، من خطورة قضايا غسل الأموال، وبالذات الصندوق الماليزي، بحجة أنها ليست قضيتنا، و«كثر الله خير من قام بها»، وأن قانون غسل الأموال فُرض علينا من الدول الغربية، ولا مصلحة لنا في تطبيقه، وأن الأموال التي غسلها المتهمون ليست فلوسنا، والمتهمون خالفوا قانون غسل الأموال، وتربحوا من العملية، لكنهم لم يسرقوا أموالا كويتية (!!)
* * *
سبق أن قضت المحاكم في الكويت بسجن خمسة متهمين في قضية الصندوق السيادي الماليزي 1mdb، وكانت الكويت إحدى أبرز المحطات في فصول القضية، التي انتهت بالحكم على رئيس وزراء ماليزيا الأسبق نجيب عبدالرزاق بالسجن، على خلفية اختلاس الأموال من الصندوق السيادي.

وكانت النيابة العامة الكويتية قد رفعت في صيف 2020 قضايا غسل أموال ضد خمسة متهمين، بعد نشر صحيفة بريطانية تحقيقا مسهبا عن الجريمة.

سبق أن تأسس الصندوق السيادي الماليزي عام 2009 برأسمال مليار دولار. وفي 2015 بدأت السلطات في التحقيق في سرقة 700 مليون من الصندوق، وبيّن التحقيق أنها ذهبت لرئيس الوزراء، وأسرته. ولكن ظهر أن الموضوع اكبر من ذلك، وأنها إحدى أكبر الفضائح المالية في العالم، مع اختلاس أكثر من 3.5 مليارات دولار بين عامي 2009 و2015!

ليس معروفًا كيف بدأت العلاقة بين الشيخ و«جو لو»، العقل المدبر لعملية الاختلاس الكبرى في التاريخ، الذي زار الكويت في 2016، حيث بدأت الأموال بالتدفق على الكويت بعدها، ولعدة حسابات، اعتبارا من سبتمبر 2016.

في ذلك الحين صدر إعلان المدعي العام الأمريكي بملاحقة جو لو، وانكشف مخطط الاختلاس من الصندوق السيادي الماليزي أمام العالم، إلا أن ذلك لم يمنع جو وشريكه الشيخ من تداول الأموال الملوثة وتبييضها، لتغطية ما يمكن تغطيته من اختلاسات.

وفي 2018 خاطبت ماليزيا وحدة التحريات المالية الكويتية للتحقق من دور الشيخ، وسبب تضخم حساباته المصرفية. فبينت التحقيقات وجود تحويلات من شركات خارجية لحساب شركات كويتية مملوكة له، بلغت 343 مليون دينار، تم تبييضها في النظام المصرفي، على أساس أنها رسوم استشارات، وتبع ذلك تحويل للخارج بقيمة 200 مليون دينار، وتبقى 143 مليوناً، قام المتهم الشيخ بتحويلها إلى حسابات داخل الكويت وخارجها، في محاولة منه لتمويه مصدرها، وصرف جزء منها في شراء مواد فارهة!

من كل ذلك نرى أن غسل الأموال، داخليا أو خارجيا، جريمة دولية خطيرة، يجب متابعتها، فقد يكون هدفها محاربة الإرهاب، وحماية الغرب، كما ذكر زميلنا، إلا أنها تبقى جريمة دولية خطيرة، يستفيد منها تاجر المخدرات وسمسار السلاح، والإرهابي.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top