استبيانات النفايات.. أو العكس!
قامت، قبل فترة، جهة استشارية خاصة، نيابة عن البلدية، بإرسال استبيان لقياس مدى رضا المواطن والمقيم عن أعمال النظافة في الدولة. جاءت الردود متباينة في كل شيء، ومتفقة على أن مستوى النظافة في الحضيض، وخاصة في المناطق المكتظة، فالوضع لم يتغير منذ نصف قرن، من رمي السكان للقمامة في براميل بلاستيكية قذرة، خارج بيوتهم، لتقوم مركبات المقاول، الأكثر قذارة، بجمعها والتخلص منها في مرادم، غير مستوفية لشروط كثيرة، أو حرقها، بطرق غير صحية!
* * *
تصرف الدولة على جمع القمامة حوالي مليار دولار، ولم تحاول يوما فرض بعض الاشتراطات على المقاول والمواطن، بحيث يقوم الأول بتوفير حاويات بألوان مختلفة، يخصص كل منها لنوعية من القمامة، ويقوم الثاني بالتعاون مع المقاول في فرز قمامته، بحيث يسهل تاليا الاستفادة منها وإعادة تدويرها، بدلا من دفنها!
يتساءل معد الاستبيان عن رضا السكان عن مستوى النظافة في منطقته، والجواب معروف بشكل عام وهو عدم الرضا، مع تفاوت كبير جدا بين المنطقة «أ» والمنطقة «ب»، فنظافة البيئة التي نعيش فيها، تتطلب عدم وجود التفرقة، عند تعلق الأمر بالصحة العامة!
تضمن الاستبيان اسئلة أخرى ساذجة نوعا ما، ومعروفة أجوبتها مثل مدى القبول بعدد وحجم حاوية القمامة المخصصة أمام المنزل، من دون عرض حاويات أكثر قوة وفائدة! وسؤال عن التواصل مع الجهة المنوط بها تبديل حاوية القمامة، وكأن الاسم ورقم الهاتف معروفان لدى الجميع، وعما إذا كانت الحاوية يتم غسلها وتعقيمها أمام المنزل، وهذا ما لم اشهده يوما قط، ولم يخبرني أحد يوما أن هذا ما يفترض أن يقوم به المقاول، وبمن يجب الاتصال في حال وجود شكوى من هذا الأمر؟
كما ورد سؤال يتعلق بسيارة كنس الشوارع من الفضلات والأتربة، وهل يصدر منها غبار ملوث، والجواب: نعم.. كبيرة ومعروفة.
وسؤال آخر يتعلق بعدد المرات التي قام فيها المواطن أو المقيم بالاستعانة بخدمات بلدية الكويت لسحب مياه الصرف الصحي، وتسليك المناهيل، أو رفع نفايات زراعية، أو نفايات إنشائية محدودة الكمية؟ فكل هذه الخدمات «المجانية» لا يعرف أحد شيئا عن توافرها، ولا بمن يتصل للاستفادة منها!
كما ورد سؤال عما إذا كان يصدر عن شاحنة القمامة ضوضاء أثناء مرورها أمام البيت، وإن كانت مصدر ازعاج لأفراد الأسرة، وهذا سؤال مضحك، فكل شاحنات البلدية سيئة الصيانة وقديمة متهالكة وما يصدر منها من ضوضاء يمكن أن يلاحظه أي شخص، خاصة في ساعات الليل المتأخرة!
كما وردت اسئلة عن الرضا عن عمل عامل النظافة، ومدى التزامه بالرداء المخصص له للقيام بعمله بشكل صحيح، والأجوبة معروفة عن غالبية هذه الأسئلة، فطالما أن ترسية عقود النظافة تتم بنظام أقل الأسعار، فمن البديهي أن يحاول المقاول التوفير هنا وهناك لتعويض سعره المتدني، وفي ساعات الليل المتأخرة، وساعات ذروة الحر لا أحد يود ترك بيته لمراقبة أعمال هؤلاء.
وهل هناك مسؤولية على المواطن والمقيم بخصوص ترشيد نفاياته؟ خاصة أن الدولة تتكلف مبالغ مالية باهظة لرفعها والتخلص منها بطرق حديثة. وكان هناك سؤال تعلق برأي المواطن في قيامه بدفع رسوم، تذهب لرفع مستوى نظافة منطقته السكنية أو التجارية، فبالرسوم يمكن أن تكون هناك مساهمة للمواطن في مراقبة أعمال مقاول النظافة.
الموضوع طويل ومتشعب ويحتاج لآراء ودراسات ولا نزال بانتظار حكومة تعمل، فعذرها في السابق أن مجلس الأمة يعرقل جهودها، فذهب المجلس، وبقيت العرقلة، التي يبدو أن وراءها قوى خفية لا نراها.
أحمد الصراف