في المخيف والمؤلم.. والمضحك!
أكرمني ثلاثة من أعضاء المجلس الأعلى للبترول باتصالهم، هاتفيا أو عن طريق الإنترنت، لبيان مواقفهم من مقال الأربعاء المتعلق بوجود تضارب مصالح وتنفع من عضوية البعض منهم من عقود مع المؤسسات البترولية التابعة للمجلس، وهي «الفضيحة» التي فجرتها إجابة وزير النفط عن سؤال النائب أحمد السعدون!
وتبين من اتصالات الإخوة، التي اتسمت بقدر كبير من الأدب، أن في الأمر، كما سبق أن ذكرنا باقتضاب، ما يثير الاستغراب! وأن سؤال النائب السعدون كان ملغما بقصد، وإجابة الوزير أكثر تلغيما بقصد آخر، كما أن تأخير الإجابة لسنة لم يكن عبثا، بل لغرض محدد، وان في الأمر صراعا على عمولات ضخمة وعقود بمليارات الدولارات، وربما تسوية حسابات داخل الأسرة، ورغبة هذا في الحفر لذلك وتوريطه، والعكس! وبالتالي دفع أعضاء المجلس الأعلى، أو بعضهم على الأقل، ثمن هذه الصراعات التي قد يكونون بعيدين عنها. وحيث إننا لسنا في حل من ذكر كل ما سمعناه، فان الوزير كان على علم، أو يجب أن يكون على علم، بأن قانون عضوية المجلس الأعلى للبترول لا يمنع أعضاءه ولا يسمح لأعضائه بأن تكون لهم تعاقدات مالية مع المؤسسات التابعة له. كما أن الوزير، الذي وصف في بعض المواقع بالشجاع لكشفه «الفضيحة»، كان على علم أيضا بحقيقة أن الأعضاء، المحيلان ومعرفي وبودي والهارون، سبق أن قدموا استقالاتهم المسببة من المجلس منذ فترة، وتوقفوا بالتالي عن حضور اجتماعاته! إضافة الى ذلك، فإن الوزير المعني كان في الأغلب على علم بأن إجابته تضمنت معلومات خاطئة عن بعض العقود الإدارية، لواحد من الأعضاء على الأقل، وأن هذا العقد أو العقود أبرمت قبل تاريخ العضوية في المجلس الأعلى!
وبالتالي، فإن التلاعب والتكتيك كانا السمة السائدة للسؤال والجواب، وربما تم اختيار أعضاء المجلس، أو غالبيتهم، ليكونوا ك.بش فداء في صراع الكبار. ومن هنا نرى أن الوزير الشيخ أحمد العبدالله، ربما اخطأ في تعمده عدم تحصين إجابته بما يكفي من معلومات عن النظام الأساسي لإنشاء المجلس الأعلى للبترول، وكونه جهة استشارية، وليست تنفيذية. كما تعمد عدم تضمين إجابته ما يفيد بأن بعض العقود موضوع السؤال والجواب تمت الموافقة عليها من المجلس الأعلى، الذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء. كما تعمد عدم التطرق، وبعد وقت كاف، الى تفاصيل العقود، وان بعضها تمت ترسيتها قبل أن يصبح المستفيد منها عضوا في المجلس. وربما أيضا تعمد عدم توضيح أن بعض الأعضاء «المتهمين» بالتربح من عضويتهم قد استقالوا من المجلس منذ سنة، والبعض الآخر لأكثر من ذلك.
وعليه، نتمنى على مجلس الوزراء، إن كان جادا في محاربة الفساد، أن يقوم في أسرع وقت بتشكيل لجنة تحقيق في موضوع السؤال والجواب وعقود أعضاء المجلس مع الشركات التابعة له، ليضع حدا لكل هذا اللغط، وسوء الفهم والاتهامات وتشويه سمعة الآخرين، التي ساهمنا بنصيبنا فيها، وهذا يتطلب منا الاعتذار إن كنا أسأنا الى أحد، فالجميع أبرياء إلى أن تصدر لجنة التحقيق أو القضاء أو أي جهة محايدة أخرى حكمها.
وفي الختام، دعونا نفكر في الفقرة التالية التي كتبها السيد محمد حمود الهاجري، عضو المجلس الأعلى للبترول، في مقال له في القبس بتاريخ 2010/7/18: أن يكون السؤال النيابي ملغوما، فهذا امر طبيعي، لكن جواب الوزير العبدالله، توقيتا ومحتوى لم يدافع او ينف اي شكوك او تقصير بالجهة تحت المساءلة! بل سلم رقاب المقصودين بالسؤال وأقر علانية بتقصير اجهزته! فهل هناك تواطؤ ما لهدف ما..؟! إذا لم يكن كذلك، فاعتراف الوزير بهذا الخطأ الفادح يستوجب المساءلة، فهو قد يكون شريكا بسكوته وتسهيله لأعضاء المجلس الاعلى للبترول الاستفادة من مناقصات المؤسسة وشركاتها، مقابل اسكات الاعضاء وشراء ودهم!
وهذه الفقرة تتطلب ردا وتوضيحا من بقية أعضاء المجلس!