نحن وهُم .. وبيننا الزمان
بسبب طبيعة نظام الحكم، والانفتاح الفكري التاريخي للأسر الرئيسية والكبيرة، الأكثر انفتاحاً وليبرالية من غيرها، والحضور الديموقراطي فيها من بدايات الستينيات، وثرائها المعنوي والمالي الكبير، فقد كانت بالتالي مهيأة أكثر من شقيقاتها لأن تكون بيئة حاضنة للإخوان، وزادت الحاجة لهم مع الصراع داخل البرلمان، حيث كانوا يشكلون كتلة لها قوة ترجيحية في كل الصراعات، تقريباً، حيث كانوا يشكلون كتلة تقف تقليدياً مع الحكومة. وكانت بداية احتضانهم تعود إلى التوجس من الدعوات الراديكالية أو القومية، أو ما سمي بالشعوبية وغيرها. كما سهل أمرهم، كون أغلبية زعمائهم من الرأسمالية الوطنية، إن جاز الوصف، وان حبهم لمصالحهم التجارية سيتغلب دائماً على ولاءاتهم الحزبية، لكن الزمن أثبت عكس ذلك، حيث ظهرت خيانتهم، وتنظيمهم العالمي، لوطنهم، خلال محنة الغزو والاحتلال الصدامي. ومع هذا اختارت الحكومة عدم اتخاذ أي إجراءات ضدهم، خاصة بعد أن أحسنوا إخراج مسرحية خروجهم من التنظيم العالمي، وتغيير مسماهم، وزيادة نشاطهم السياسي، وتوسّع قاعدتهم من الموالين، مع بدأ تدفق براعم الاتحادات الطلابية، داخل الكويت وخارجها، وتوليهم الكثير من المناصب القيادية، بحيث لم تخلُ وزارة منهم، هذا غير نصيبهم من المنتمين إليهم، من دون إعلان ذلك الانتماء، لأغراض معروفة.
يعتبر تنظيم الإخوان المسلمين تنظيماً راديكالياً مسلحاً يميل بقوة إلى العنف، لكنه يؤمن أيضاً بالتقية والجنوح للسلم، وخير دليل تجاربهم مع مختلف حكوماتهم في مصر، منذ أربعينيات القرن الماضي. كما نجحوا، بفضل أموال الخليج، في عز تحالفهم مع سلطات أغلبية دوله، في بناء قاعدة مالية صلبة، تشمل استثمارات في مختلف القطاعات، لكن بسبب الحظر المفروض عليها، وعدم الاعتراف بهم ككيان سياسي، في كل دول العالم تقريباً، فقد اضطرهم ذلك إلى تسجيل تلك الاستثمارات والأموال النقدية بأسماء كبار الموالين للتنظيم، ممن يفترض اتصافهم بـ«القوة والأمانة»، لكنهم لم يكونوا كذلك في أغلب الأحوال. كما أن المال، بعد الإكثار منه، يدفع الإنسان إلى البحث عن السلطة، خاصة إن كان منتمياً لتنظيم سياسي معروف بسعيه إلى تطبيق أجندته العقائدية في الوصول للحكم، وهذا ما قام به إخوان مصر، وسعوا له في تونس والسودان والأردن وسوريا، قبل وخلال وبعد ما سمّي بثورات الخراب العربي. وكادت الأمور أن تفلت عندنا، لكن حكمة القيادة حينها أنقذتنا من الخراب.
من الأمور الخطيرة التي كشفت تفاهة التنظيم، والقائمين عليه، تأييدهم القوي والعلني لصدام، على الرغم من ثبوت عمالته وإجرامه بحق شعبه، وتوريطه في حروب عبثية، وتناسيهم لكل أفضال الكويت عليهم.
كما لم يتردد قادة الإخوان، من خلال القنوات الفضائية المحسوبة عليهم، من إعلان حربهم الإعلامية والمعنوية ضد أغلبية الدول الخليجية، وتكفيرها وتخوينها واتهامها بالعمالة لإسرائيل!
* * *
سعدنا للحظات لاختفاء اللوحة، التي تحمل اسم الجهة التي تمثّل الإخوان في الكويت. لكن تبيّن لاحقاً أن أموراً تنظيمية تطلبت ذلك، ويا فرحة ما تمت. وزاد الطين بللاً قرار الجامعة تعيين أربعة من عتاة الإخوان، بضربة واحدة، في أعلى المناصب الأكاديمية.
من جهة أخرى، طال انتظارنا لصدور حكم من «التمييز» بإبطال ترخيص الجهة الممثلة للإخوان، في القضية الشهيرة المرفوعة من الأستاذ المحامي بسام العسعوسي، منذ 9 سنوات.
أحمد الصراف