عودة للبصمة ولتصريحات المويزري
كتب قارئ معلقاً على ما سبق أن كتبته، بخصوص ضرورة القبول بالبصمة، فذكر التالي: عطفاً على مقالك، شخصياً لست متخوفاً من إجراءات البصمة البيومترية، تخوّفي يكمن في احتمالية إساءة استخدامها مستقبلاً، كما ذكرت في المقال، وكيف أنها تعتمد على فسيولوجية الوجه، ولكن لا ضمانة مستقبلاً من ألا ينجح أحد في صناعة وجه مزيف يحمل مقاسات وجه أي إنسان بالمايكروميلي.
كما لا أثق بالإجراءات، ولا بطرق ولا بأماكن تخزين هذه المعلومات الشخصية السرية، ولا بإجراءات حمايتها من الاختراق الخارجي أو إساءة استعمالها، ولا أعرف من المشرف عليها، وبأي صفة، وما القواعد القانونية، التي يعتمد عليها في حفظ سريتها، وعدم توفيرها لمن هو أعلى منه رتبة أو مقاماً.
كما تطرّق القارئ إلى قضية من أن بعض الدول تسمح أو تأتمن لبعض الشركات على أخذ بصمة الأصبع لمشتركيها وتخزينها بسيرفراتها، فهل يمكن الثقة بها وأن تؤتمن؟
ثم بيّن أننا نفتقد تشريعاً يتعلق بحماية البيانات الشخصية بكل أنواعها (بصمة، ملف طبي، ملف وظيفي، معلومات مدنية.. إلخ) ينص على إجبار القطاعين العام والخاص على اتباع طرق محددة في تخزين واسترجاع وتداول البيانات الشخصية. فما عقوبة طبيب يعمل في القطاع الخاص، مثلاً، قام بتسريب ملف مريض لديه، يشكو من حالة نفسية، فتسبب ذلك في منع توظيفه؟
ختم القارئ رسالته بالقول إنه شخصياً وصل إلى قناعة بحسن نوايا الجميع تقريباً، لكن لا يبدو أن هناك اقتناعاً عاماً بأهمية وقيمة المعلومة الشخصية للأفراد، فمثل هذه الأمور لا تحظى باهتمام الأغلبية، لأسباب ثقافية وتعليمية. فليس من الصعب، مثلاً، الوصول إلى الملف الطبي لأي مريض نفسي، ونشره وفضحه، لكي تضيع حياته إلى الأبد، لغير سبب وجيه.
* * *
لا شك أن تساؤلات القارئ منطقية، وقد نكون بالفعل بحاجة إلى تشريع يحمي المعلومات الشخصية المحفوظة لدى مختلف الجهات، ويمنع غير المخولين الاطلاع عليها، لقد سبق أن اخترقت سيرفرات جهات حكومية عدة، ومنها المعلومات المدنية، وتسبب الاختراق في تغيير عناوين سكن الكثيرين، وإصدار بطاقات هوية، تُبيّن السكن الوهمي بدلاً من الحقيقي، وتأثير ذلك في نتائج الانتخابات وغيرها من أمور. فليس هناك من بإمكانه الاطمئنان، بدرجة عالية من الدقة، بأن معلوماته الشخصية لدى أجهزة الدولة محفوظة بطريقة سرية، لا يمكن لأي كان الاطلاع عليها، دون تفويض عال، وربما هذا ما نحتاج إليه.
لكن من جهة أخرى، نحن نعيش في عالم خطير، والأهوال والمصائب تحيط بنا من كل صوب، وعلينا التخلّي، ولو قليلاً، عن حذرنا، خاصة أنه من الاستحالة عدم إفشاء المعلومات الشخصية الخاصة لدى جهات، مثل المستشفيات والسفارات، ولكن هذا لا يعني عدم الاستمرار والإلحاح في مطالبة الجهات المعنية، والمعلومات المدنية، ووزارة الصحة، بضرورة اتباع أفضل الطرق لحفظ المعلومات الشخصية، لكي لا يُساء استخدامها.
ملاحظة: ظهر النائب السابق المويزري في شريط مسجل، حاول فيه الدفاع عن موقفه الهزيل من البصمة البيومترية، وكان حرياً به التحلّي بالموضوعية، والتقليل من التصريحات التي تبيّن ضحالة أمور كثيرة لديه!
أحمد الصراف