«الخيرية» والإخوانية

بينت إحصائية أنه من عام 2006 حتى 2023، ارتفع عدد جمعيات النفع العام، بخلاف «الخيرية»، من 96 إلى 203 جمعيات. وزاد عدد المبرات ليصل إلى 95، والأغرب من ذلك زيادة عدد الجمعيات الخيرية من 10 فقط إلى 85 جمعية، قبل أن تبدأ وزيرة الشؤون النشطة، أخيراً، بتقليل الطالح منها.
تزامن الارتفاع الكبير والخطير في عدد الجمعيات الخيرية، مع الفترة نفسها تقريباً التي زاد فيها التزوير الهائل في عدد مَن حصلوا على جنسية الدولة، وبطرق غير مشروعة. كما تزامن أيضاً مع إطلاق يد الأحزاب الدينية، الراعية الرسمية، لغالبية الجمعيات الخيرية، لتأسيس المزيد منها، وتعيين أعوانها في مجالسها، والأخطر من ذلك السماح لها بفتح مئات الفروع في المناطق السكنية، ليسهل عليها استقطاب والتقاط الأطفال والشباب لها من البيوت والطرقات، لتحشو رؤوسهم الغضة بأفكارها، ولتخلق منهم نواة وقوة بشرية مستقبلية لأحزابهم. هذا الجيش الشبابي سيكون عوناً لها مستقبلاً في جمع الأموال وكسب مزيد من الأعوان، وهكذا قويت شوكة الأحزاب الدينية، والإخوان بالذات، بشرياً ومالياً، ونتج عن هذا التحالف الحكومي، مع القوى الدينية المحافظة، على مدى نصف قرن، على الأقل، وتسهيل أمور بناء إمبراطوريتهم المالية، وتمكينهم من السيطرة الفعلية على الكثير من مفاصل الدولة، وغض النظر عن سيطرتهم الفعلية على محركات أو وسائل التحكم في العقول، سواء كانت منابر دينية أو إعلامية، من إذاعة وتلفزيون، وفتح أبواب المدارس والمعاهد، لدعاتهم، إضافة لسابق سيطرتهم على مراكز التحفيظ، التي يعمل بها 34 ألف مدرس، بخلاف المعاهد التطبيقية، والاتحادات الطلابية، قبل حلّها، وعدد كبير من جمعيات النفع العام، والسيطرة على غالبية مجالس إدارات الجمعيات التعاونية، وجمعية المعلمين، وأصبح لهؤلاء نفوذ يفوق أحياناً نفوذ أية جهة أخرى، وبالتالي نجحوا في بسط سيطرتهم، بحيث أصبح من الصعب جداً حتى التفكير في اقتلاعهم، كما فعلت كل دول العالم، التي كانوا ينشطون بقوة فيها، بما في ذلك الدول الخليجية.

يسير الأخوان على نفس نهج أفكار الجماعات الأصولية، التي تطلب من أتباعها الانسياق الأعمى دون تفكير أو تدبر أو مناقشة، ومن يكثر السؤال يتم طرده. علماً أن جميع أفرعهم، بما فيها الكويت، تخضع تماماً للتنظيم الدولي، ولا تراعي مصالح الدول التي تتواجد فيها.

يعد تنظيم الإخوان المسلمين واحداً من أكثر الحركات الإسلامية إثارةً للجدل في المنطقة، ويصنفه العديد بإلارهابي، والخطير على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وبدأ أخيراً في حراك قد لا يتفق مع سياسات الدولة، في أعقاب حل مجلس الأمة، قبل بضعة أشهر، الذي كان لهم فيه أقل عدد من المقاعد في تاريخهم السياسي، والسبب يعود أساساً لسوء أداء ممثليهم في البرلمان، ولتدني مستوى من يتم اختيارهم لتمثيلهم. ومع هذا لم يقم الإخوان، حتى الآن، بأي رد فعل معارض أو تصعيدي تجاه حل المجلس، بل الاكتفاء ببعض البيانات المحددة التي تضمنت انتقادات خفيفة ومقبولة من قبل الحكومة، لعلمها بأن أي تصعيد قد يؤدي إلى ما لا يسرها، ومع ذلك، استثمر الإخوان قضية غزة، نظراً لأنها تلقى دعماً واسعاً من قبل السلطات، ما سمح لها بإظهار حماسها تجاهها من دون إثارة أية أزمات.


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top