«الأحمدية» والمقاولات
تعتبر الشركة «الأحمدية» للمقاولات، التي يديرها منذ نصف قرن تقريباً السيد طوني نجار، من أفضل وأكبر شركات المقاولات في الكويت، وتمتاز بكونها من القلة القليلة التي تقوم بتنفيذ ما تلتزم به من أعمال بنفسها ولا تبيع عقودها للغير، كما تفعل غالبية الشركات الأخرى تحت سمع وبصر، لا بل وموافقة ومباركة الدولة والحكومة ووزارة الأشغال أو الاسكان وغيرها، كما تمتاز «الأحمدية» كذلك بمعرفتها الجيدة بما يعنيه ويتطلبه العمل في المشاريع الحكومية من خبرة «خاصة»! وهذا ما دعاها لتجنب المشاركة بها قدر الامكان، وربما من هذا المنطلق سعت القبس (6/20) للقاء السيد نجار، العضو المنتدب للشركة، والتحدث معه عن شجون شركات المقاولات ومشاكلها، حيث بين ان من أكبر أخطاء تلزيم العقود الحكومية الاعتماد على نظام «أقل الأسعار» فلجنة المناقصات المركزية (وهذا رأينا الشخصي) وبتأثير مباشر من المرحوم علي الجسار، عندما كان نائبا ورئيسا للجنة المناقصات المركزية، كانت، ولا تزال، تصر دائما على ترسية المناقصات على أساس أقل الأسعار، على الرغم من عقم هذه الطريقة وتضرر المال العام منها كثيراً، كما بين السيد نجار ان من المشاكل الكبيرة التي تواجهها شركات المقاولات الاسس التي وضعتها لجنة المناقصات للتأهيل والتصنيف لكونها غير مناسبة اليوم لحجم المشاريع المطروحة، كما ان هذه الاسس قديمة ويسهل التلاعب عليها، وأذكر انني عندما كنت أعمل في مجال المقاولات، التي تركتها بعد فترة لعدم قناعتي بالطرق الملتوية التي يتطلب اتباعها، ليس فقط للفوز بأي عقد، بل وتنفيذه، حيث كان مراقبو وزارة الاشغال يتجنبون العمل معنا كمراقبين، لاننا «بخلاء وما بنطعمي»، وقال لنا أحد المراقبين صراحة انه دفع مبلغا لزميل له ليحل محله في مراقبة عقودنا لاننا لم نوافق على اعطائه سلفة نقدية!
وعلى الرغم من الانطباع العام بان شركات المقاولات فاسدة ومخربة ذمم، فان من الظلم تعميم الامر على الجميع، كما ان الجهة الحكومية تتحمل حصتها من اشاعة الفساد بسبب انظمتها الرقابية السيئة والاخطاء والمثالب الجسيمة التي يتضمنها الكثير من العقود وشروط ومخططات المشاريع الكبرى، وما ينتج عنها من أوامر تغيرية تكون دائما محل خلاف بين المقاول والطرف الحكومي.
إن لجنة المناقصات المركزية بحاجة ماسة الى إعادة النظر في قواعد عملها وقوانينها لتتماشى مع المرحلة التنموية الكبيرة القادمة. كما أن الحكومة يجب أن تكون جادة في طرح مشاريعها ولا تقوم بسحبها وطرحها عدة مرات والتلاعب في كشوف الشركات المؤهلة، كما حدث في عشرات المشاريع الحيوية طوال سنوات، ومستشفى جابر وجسر الصبية مثالان حيّان!
نقول ذلك علىالرغم من شعورنا بأن من الصعب منع وقوع أخطاء فادحة وتأخير وتلاعب كبير في المشاريع الكبيرة المطروحة حاليا، ضمن خطة التنمية الطموحة، فالبنية «الفنية» الحكومية غير متوفرة وبالتالي يصعب تجنب فشل الكثير من المشاريع وتأخر تنفيذها وزيادة كلفتها المادية في نهاية الأمر. وسنعود في بداية الصيف القادم الى هذا الموضوع لنستعرض معا ما تم تنفيذه من خطة التنمية، إن تم تنفيذ شيء!