إلى أساتذتي
إليكم يا أساتذتي، الأحياء منكم والأموات، وبالذات إلى أستاذ طفولتي أيوب حسين الذي سمعت، وأنا خارج الكويت، أنه يرقد في أحد المستشفيات، إليكم جميعا أهدي هذا المقال المقتبس من قراءاتي:
نظر المدير العام إلى من حوله في حفل العشاء وقال إن ما نعانيه في مجتمعاتنا هو انحدار مستوى التدريس، فما الذي نتوقعه من الطفل إن كان من يعلمه شخصا لم يجد في الحياة وظيفة أفضل من أن يكون مدرسا؟ ولكي يؤكد وجهة نظره للحضور، التفت الى مدرّسة كانت تشاركهم العشاء، عرفت بصراحتها، وسألها عما تحققه من عملها.. فنظرت المدرسة إليه وقالت: «هل تود حقا معرفة ما أكسبه أو أحققه؟ وبعد لحظة صمت قصيرة، أضافت: إنني أجعل الأطفال يقومون ببذل جهد لم يكونوا يعتقدون أن بإمكانهم القيام به. إنني أجعل الأطفال يجلسون أربعين دقيقة لينصتوا إلي، في الوقت الذي يفشل فيه أهاليهم في جعلهم يجلسون لخمس دقائق من دون استخدام الهاتف النقال أو الانشغال بألعاب الفيديو أو مشاهدة الأفلام المستأجرة. هل تود حقا معرفة ما أحققه؟ إنني أجعل طفلك يتساءل، ينبهر ، يعتذر عندما يخطئ، وهو يعني ذلك، وأن يحترم الآخر، وأن يكون مسؤولا عن تصرفاته. كما أعلمهم الكتابة وأدفعهم لها وأعلمهم القراءة والقراءة والقراءة، فلوحة مفاتيح الكمبيوتر ليست كل شيء. كما أدفعهم لأن يظهروا مهاراتهم ويستخدموا عقولهم في التوصل الى الحلول، وليس الاعتماد على آلة حاسبة. إن ما أحققه هو أن أجعل هؤلاء يشعرون بالأمان في الفصل، وأعلمهم كيف أن بإمكانهم، لو استخدموا ملكاتهم الكبيرة، النجاح في الحياة. وعندما يحاول الآخرون الحكم علينا من خلال ما نحققه، نحن المدرسين، من دخل أو اجر، مع إيماني بأن المادة ليست كل شيء، أرفع رأسي عاليا ولا ألتفت الى ما يقولون لأنهم مجموعة من الجهلة.. والآن، هل حقا تريد أن تعرف ما أحققه: إنني أحقق التغير أو التميز، فما الذي تحدثه أو تحققه أنت أيها المدير العام؟».