سيدي محمد بن راشد (1 - 2)
اسمح لي يا سيدي الكريم بمخاطبتكم مباشرة، من دون استخدام أي من ألقابكم الرسمية، وآمل أن تتقبل مني ذلك فمقامكم الحقيقي في القلب والعقل، وليس على الورق.
أنا مواطن كويتي، وعلاقتي بدبي قديمة كتاجر ومستثمر وسائح، كما استضافتني دولتكم ومساكن مدينتكم الجميلة، كلاجئ ورجل أعمال، عندما شردتني قوات صدام، ومئات الآلاف غيري من أبناء وطني.
أحببت دبي، وطالما أعجبت بتجربة نموها المتسارع في عهدكم، وكنت دائم الاشادة بمنجزاتكم الكبيرة، مع تحفظاتي على بعض جوانبها. وقد تألمت، كالكثيرين غيري من محبي دبي، لما تعرضت له اخيرا من مصاعب خارجة عن ارادتكم، أقول هذا على الرغم من أن مصالحي التجارية، مع تواضعها، لم تتأثر الا قليلا بالأزمة الأخيرة.
أكتب لأقول لكم كذلك، يا سيدي، ان دبي، بتجربتها الرائدة، وجدت لكي تبقى، فهي الأمل، وهي القدوة، وهي الواحة الوارفة الظلال في صحراء شديدة الجفاء والجفاف، حتى مع أبنائها. ولو عرف حساد دبي ما ستكون عليه حال المنطقة من غيرها، لشعروا بالخجل. نكتب ذلك ونحن على ثقة بأن دبي، بقيادتكم، ستخرج من أزمتها أشد صلابة وأكثر ثقة بنفسها.
وهنا، أتمنى يا سيدي أن يتسع صدركم لما سأقوله، والذي يتعلق بصورتكم القادمة في التاريخ، ودور دبي التاريخي القادم.
أعتقد، وقد أكون مخطئا، بأن البنية التحتية لدبي سوف لن ينتهي العمل بها لسنوات طويلة قادمة، وأن الصرف على العمران قد وصل الى حدود معقولة وكافية، للعقد الحالي على الأقل. وأن على دبي الآن الاستثمار أكثر في الانسان والفكر الانساني، بعد أن نجحت من خلالكم في الاستثمار في كل مجال عمراني وصناعي وترفيهي. وعلى الرغم من كل المحاولات الجادة التي قمتم بها في مجال التنمية البشرية، فإن التجربة، إن سمحتم لنا، لا تزال تفتقد لشيء جاد وغير مسبوق في منطقتنا، وهنا نقصد زيادة جرعة الحرية الفكرية والتعليمية التي جسدها الغرب طوال القرن الماضي خير تجسيد.
(يتبع غدا)