محمد الصباح
أعترف بأنني أشعر بتقدير واحترام لشخص وزير الخارجية الشيخ محمد صباح السالم، وربما تكون دماثة خلقه التي جذبتني اليه هي التي تدفعه لان يكون اكثر دبلوماسية وتعاطفا مع الجمعيات الخيرية الصالح والطالح منها، وابداء اعجابه المتكرر وتقديره لجهودها خارج الكويت، وهو الامر الذي لا نتفق معه عليه الى حد كبير، فقد صرفت الكويت على مدى ثلاثة عقود الكثير على الدول العربية والاسلامية، وما ان احتلت قوات صدام وطننا حتى كانت الدول الاكثر استفادة من المساعدات هي الاكثر عداء لنا! وينطبق الحال ذاته على معظم الجمعيات الخيرية التي كانت طالما ادعت النشاط الكبير في دول افريقيا وآسيا الفقيرة، والتي كان عملها ينصب بشكل رئيسي، وفق ادعاءات القائمين عليها، على حفر الآبار وتوظيف الدعاة وطباعة الكتب الدينية، حيث ان جميع اعمالها تلك لم تثمر في اقناع تلك الدول بارسال برقية تنديد واحدة على الغزو من حكوماتها، وفي ضوء كل ذلك يصبح مستغربا الطلب الذي تقدم به الشيخ محمد الصباح لوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون للسماح لجمعياتنا الخيرية بالعودة إلى اسطوانة «مساعدة المجتمعات المعوزة والفقيرة»، بحجة ان مساعداتها ستساعد مجتمعات تلك الدول في التحصين من الارهاب! فمتى كانت جمعياتنا في غياب اي دليل مادي ملموس، مهتمة بمحاربة الفقر في المجتمعات المعوزة، وهي التي قبضت الملايين وأضاعتها في جيوب البعض وعلى مشاريع وهمية غير ذات جدوى أو مردود علمي، أو زراعي مستمر؟ وهنا نتمنى ممن يخالفنا ان يرينا مشروعا خيريا واحدا في افريقيا وآسيا يشار إليه بالبنان بالرغم من طول الفترة السابقة على الحادي عشر من سبتمبر التي قضتها تلك الجمعيات في «اعمالها الخيرية» وكبر حجم الاموال التي أنفقتها خلال 30 عاماً!
إن اختيار القائمين على الجمعيات الخيرية والاصرار على العمل في الخارج لم يأت عبثا، فهو نشاط يمكن الحديث عنه والتفاخر به، ولكن يصعب التثبت من وجوده، ولكن عملها الخيري في الداخل معرض للمراقبة والمحاسبة، وهذا ما الجمعيات فيه، فهي اكثر ميلا إلى العمل في الظلام، كما ان سابق نشاطها الداخلي المتواضع لم يمنع انطلاق كل العمليات الارهابية المحلية من محيط مراكز انشطتها الدعوية، كما لا يستبعد ان ما حدث محليا لم يحدث ما يماثله في سابق محيط انشطتها في الخارج، والاهم من كل هذا وذلك ان الكويت بأمس الحاجة لاموال الجمعيات الخيرية، فهناك الآلاف من الفقراء الذين يعيشون في ظروف مأساوية من دون ادنى متطلبات الكرامة الانسانية، فلماذا تنطلق جمعياتنا إلى الخارج والداخل في امس الحاجة لها؟ كما ان لدى فئة البدون عشرات آلاف الاطفال من غير تعليم أو طبابة، والذين يشكل وضعهم قنبلة امنية خطيرة.
ان آخر تقارير المخابرات الدولية تفيد بأن تنظيم القاعدة هو في أسوأ حالاته ماديا وتنظيميا، وبالتالي يجب عدم السماح للجمعيات الخيرية باعادة التمدد في الخارج في الوقت الحاضر، وان كان لا بد من ذلك فتحت رقابة فعالة، ولكن هذه الرقابة نفتقدها في الداخل حاليا فما بالك بالخارج؟!