أشكناني رافي شنكر
تعرّفت على فن الموسيقار الهندي العالمي رافي شنكر ravi shankar لأول مرة عن طريق الصديقين علي ومحمد أشكناني، وكان ذلك قبل نصف قرن بالتمام، وبعدها تفرقت بنا السبل، بعد أن خطف التحفظ المذهبي الأول، وخطف بريق الحضارة الاميركية الثاني، ليهاجر لها ويبقى هناك الى اليوم، ولكني ما زلت مدينا لهما بتلك المعرفة، فقد كان فن هذا الرجل مصدر غذاء روحي لي طوال سنوات طويلة، وكنت اسعى لحضور حفلاته، وكانت الأولى في أواخر الستينات، عندما دعا السيد قتيبة الغانم الفنان شنكر وفرقته وقتها لتقديم عروضهما الرائعة في الكويت. كما حضرت حفلاته في أكثر من مدينة، واستمتعت دائما بحضوره الآسر. وأذكر جيدا أنني عندما حصلت على أول راتب توجهت الى محل «جاشنمال» في مساء اليوم نفسه، واشتريت مجموعة من الأسطوانات، وكانت بينها واحدة لهذا الفنان الكبير، وقمنا ثلاثتنا، في ساعة متأخرة جدا من مساء ذلك اليوم، بالذهاب الى شاطئ البحر، الذي كان يقع أمام السفارة الاميركية القديمة، ووضعنا ما لذّ وطاب أمامنا وقمنا بتشغيل اسطوانة شنكر، وكان الجهاز يعمل بالبطارية، وبدأنا رحلة صمت طويلة استغرقت ساعات ونحن نعيد الاستماع لموسيقاه الرائعة، وهي تحلق بنا، المرة تلو الأخرى، نحو آفاق وأجواء ساحرة بعيدة، ولم نتوقف عن تأملاتنا الا بعد ان انتهت قوة بطاريات الجهاز، وتزامن ذلك، كما توقعنا ورغبنا، مع بزوغ الخيوط الأولى من أشعة شمس الصباح. وعندما هممنا بالمغادرة، تبين لنا أننا لم نكن وحدنا الذين كنا نستمتع بعزف رافي شنكر، بل كان هناك سائقا سيارتي أجرة جالسين خلفنا، وهما في وضعية جلوس تشبه وضعية التأمل! تبادلنا الابتسامات، دون كلمات، وتركنا. هكذا كانت موسيقى رافي شنكر وستبقى، قادرة على ارضاء كل ذوق، من الأكاديمي حتى سائق التاكسي، وهذه الصدفة ذكرتني بقصة رواها الصديق محمد السنعوسي، الذي عاد قبل ايام سالما مشافى من رحلة علاج، حيث قال ان الديوان الأميري قام باستدعائه، بعد تعيينه مديرا لأول محطة تلفزيون في الكويت، لمقابلة الأمير عبدالله السالم، وكان ذلك في أوائل الستينات، وربما في الفترة نفسها التي كنا نستمع فيها لموسيقى رافي شنكر، وفي مكان غير بعيد عن قصر الشعب. ويقول السنعوسي ان الشيخ هنأه بمنصبه الجديد، وقال له ان مهمته ليست سهلة، لأن عليه ارضاء كل أذواق الشعب الكويتي، من عبدالله السالم.. وحتى عواد سالم!
نكتب هذه المقالة وفاء لذكرى الفنان شنكر، الذي رحل عنا قبل ايام عن 92 عاما.
***
• ملاحظة: نهنئ الشعب الكويتي على الانتهاء من انتخابات لجان مجلس الامة، ونخص بالذكر اختيار العضو عبدالحميد دشتي، وبالذات للجنة التشريعية، واختيار العضو سعدون حماد، وبالذات للجنة المالية.