صالح النصر الله والكويتي الحقيقي
في جلسة أكثر من جميلة في منزل «ص.ر.»، عاشق الطرب الشرقي والغربي الكلاسيكي، صدح سالم العماري، صاحب الصوت النادر، بقصيدة للشاعر المرحوم صالح النصر الله التي يقول فيها:
يا كويت بالمرة علي لا تعتبين
لاني بمنك ولا نتي يا كويت مني
ماني ولدك اللي بالأول تخبرين
لانتي بأمي اللي عليه تحني
من يوم فضلت علينا البعيدين
صرتي عذاري بان منك التجني
عيالك طردتينا وحنا المودين
وخذتي عيال غيرنا بالتبني
ناس ارغدوا وأثروا وهم مستريحين ولي اشتقوا ما حصلوا إلا الهبني
يوم السفر والغوص وبيوتك الطين روحي اسألي الهيرات يا كويت عني
تعطيك عنا العلم وتخبرك زين
وتذكر لك أيام لنا قد مضني
بين السفر والغوص راحت لنا سنين
يشتان منها القلب ويهبلني
تقطع غبيب تدهر كالبراكين
عقل الذليل يكون فيها يجني
ونصارع أمواج البحر مستميتين
أبدا فلا نرتاح أو نرجهني
كله لعينك بس أبغيك ترضين
ندعي العمار الغالية يرخصني
يوم صفا جنبك وزرعك غدا زين والخضر هلا والعجاف ادبرني
حنا غدينا من جباك محرومين
واللاش بارضك دالهن ومتهمني
ما ينفعك يا كويت بالعسر واللين
إلا عيالك وخذي العلم مني
هم عزوتك وهما غناتك عن الدين وهما الذرى لين الليالي اظلمني
وللا الغريب لو جاد وياك الحين
عليه ما يبرح يدور التجني
يبدي البشاشة ويظهر العطف واللين ومن تحت ثوبه خنجر لك يسني
بس ينطرك تبغين تطيحين
حتى يغرسه وخذي العلم مني
****
وأثناء إلقاء الفنان العماري للقصيدة، التي سبق أن استمعت لها، أخذت أجول بنظري في وجوه الحضور، فوجدتهم من خلفيات ومشارب وأصول وثقافات ومذاهب وانتماءات عائلية وقبلية متباينة، ومع هذا كان الجميع تقريبا يهز رأسه موافقا أو معاتبا أو تبدو عليه علامات الحسرة والألم، ربما لشعور البعض أنه المعني بالأمر أكثر من غيره، والطرف الذي يتكلم الشاعر بلسانه، وأنه يمثل الأصل، والآخرون فروع، وأنه المغبون وغيره الرابح، وأن أهله هم الأولون، وغيرهم طارئون، من الذين نهبوا وأثروا من غير جهد ولا تعب! ولكن قلة ربما كانت تعرف أن هذه هي طبيعة الأمور، والكويت لا تختلف عن غيرها. فعندما يجف الضرع سيترك الجميع الأرض، وما عليها ولن يبقى إلا من لا حيلة له! فمن سبق وهجر مسقط رأسه ووطنه قبل خمسين أو مائة سنة، وأتى الى الكويت لم يفعل ذلك من منطلق الحب لها ولترابها، ولا هياما بما تخبئه هيراتها من دانات ثمينة، بل قدم إليها لسوء أحوال وطنه الأصلي وبحثا عن معيشة أفضل، وأحفاد أحفاد هؤلاء سيفعلون الشيء ذاته، طال الزمن أم قصر، إن تغيرت ظروف الحياة هنا! فالكويت ليست استثناء، ويكفي النظر إلى أصول شعوب استراليا والأميركتين ونيوزيلندا وعشرات المدن والمناطق الأخرى، لنعرف ما يعنيه ذلك، وأن الكويت للجميع ولا فضل لطرف على آخر، ولا لمن جاء قبل غيره، حتى ولو كان بقرن، فهكذا تبنى الأوطان ويتكون الولاء لها!
***
ملاحظة: يمكن عن طريق الرابط التالي الاستماع للقصيدة بصوت الشاعر
http://www.youtube.com/watch?v=5bu4rrhkqme