قف مع أخيك ظالماً أو مظلوماً
انفردت أغلبية الدول العربية، من دون بقية دول العالم الحر التي تحترم نفسها، بالتنديد بقرار المحكمة الجنائية الدولية المتعلق بالقبض على الرئيس عمر البشير ومحاكمته لدوره في احداث دارفور! ووصفت أغلبية دولنا قرار المحكمة بالجائر تارة وبالمتحيز تارة اخرى، ولم تكلف اي منها نفسها البحث بصورة جادة في حيثيات القرار ومدى شرعيته، او حتى التزام الصمت حياله!
تداعيات القرار الجنائي الدولي، لكونه الاول في التاريخ الذي يصدر بحق رئيس دولة لا يزال في سدة الحكم، ستكون في مصلحة الشعوب المضطهدة كافة، او التي قد تضطهد مستقبلا. والحكم جرس انذار لكل زعيم يعتقد بأنه في مأمن من المساءلة والعقاب مهما ارتكب من جرائم بحق شعبه او غيره، ويجب ألا ننسى في الكويت فضل المجتمع الدولي ودوره في تحريرنا ووطننا من حكم احد طواغيت هذا العصر!
الطريف، او ربما المبكي في الموضوع، ان السلطات السودانية، وبعد تنديد العالم بقرارها طرد 13 منظمة اغاثة دولية تعمل في مجال تقديم المساعدات الطبية والتعليمية والغذائية لمئات آلاف المشردين والمهجرين والجياع من شعبها، بررت قرارها بالقول ان تلك الجهات كانت تتجسس عليها! وهذا بحد ذاته اعتراف غير مباشر بالتهم!
كما صرحت الحكومة السودانية بأنها ستقوم بتقديم الخدمات الانسانية نفسها التي كانت تقوم بها منظمات الاغاثة تلك، ولا حاجة بالتالي لوجودها وجهودها مستقبلا! ويجب ان يتمتع الواحد منا بمستوى عال من العته ليصدق مثل هذا الادعاء!
وفي حركة استباقية لقرار الرئيس البشير السفر لحضور قمة الدوحة، وتعريض نفسه لخطر القاء القبض عليه، التزاما من دول العالم كافة بالقرار الدولي، فقد اصدر «علماء» السودان فتوى تمنع الرئيس من السفر خارج السودان لأن سلامته ليست موضوعا شخصيا يتعلق به، بل يتعلق بــ «رفاهية» الشعب السوداني وسلامته ووحدته الوطنية، ولكنه تجاهل الفتوى وسافر إلى أريتريا الأكثر تخلفا منه!
والرهيب اننا لم نتردد في اصدار مختلف بيانات التنديد بإسرائيل وعدوانها الاخير على غزة وتسببها في قتل 1200 مواطن فلسطيني، ولنا كل الحق في ذلك. ولكننا لم نحرك شعرة او ننطق بكلمة عندما قتل احدنا وشرد اكثر من 1200000 انسان من شعبه من دون رحمة! وهذا يعني ان من حقنا قتل بعضنا بعضا ولو بلغ الضحايا الملايين، ولكن ليس من حق الغريب قتل اي منا ولو بالعشرات.