في الكويت فقط
هذا المقال مستوحى من مقال سبق أن كتبه مجهول على مدونة في الإنترنت، ويتكلم عن دولة محددة ليس من الصعب معرفتها مع نهاية المقال.
في الكويت المجتمع مخطوف من قوى متخلفة تفعل به ما تشاء، ووصلت قدراتها، منفردة، إلى إسقاط وزارة، ويقولون دولة ديموقراطية. في الكويت هناك «دستة» مفتين يقررون عنك كيف تتكلم وتفكر وتأكل. ودستة أخرى من نواب ملتحين يقررون لك ما يريدون منك القيام به. وثالثة بلحى أكبر يقررون عنك كيف تلبس وأي مسواك تشتري، وكيف تسير في الأسواق، وماذا تفعل في الجزر، بل ولهم الحق في إجبارك على دخول الجنة على رغم أنفك وأنف من خلفوك. فهؤلاء جميعا أدرى منكم ومن سادتك بما هو صالح لك.
في الكويت كان مسموحا لنا القهقهة وقت نشاء، ثم أفتى أحدهم بأنها ممجوجة، أما الضحك فلا مانع. ثم جاء آخرون وأفتوا أن حتى الضحك ليس من الدين، وأن الابتسامة، أو حتى الإيماء بها يكفي. والآن لم يكتفوا بمنع حتى الابتسامة، بل طلبوا منا أن نتجهّم، فهو من الدين، أما الفرح فهو من الشياطين.
في الكويت أنت محاصر وعملك معطل وتستحق البهدلة والجرجرة والانتظار وتحمّل الخسارة، إلى أن تستعين بالقبيلة، أو تطلب من عزوتك العائلية أن تقوم بالاتصالات اللازمة لتنهي معاملتك، أو تجر معك شخصا رفيع المستوى من مذهبك لكي يمرر معاملتك، ولا ننسى الرشى التي أصبحت أكثر من علنية، والطريق الأسهل من كل ذلك هو أن تنتمي لحزب ديني وتنتهي معاملتك و....معاناتك.
في الكويت فقط تستطيع أن تكون منتميا لحزب سياسي ديني من دون أن تكون منتميا حقا. فما عليك غير وضع ما يتطلبه الانتساب لحدس أو السلف أو الجمعية وبقية فلولها، من ديكورات قوامها لحية ودشداشة قصيرة وغترة، يحبذ من غير عقال، وخاتم تركواز، ولا مانع من حمل سبحة طويلة لكي تمر معاملاتك من إخوتك في الحزب في دوائر الدولة ومصالحها.
في الكويت لا تستطيع أن تختار التعليم الخاص لأبنائك، ولو دفعت آلاف الدنانير رسوما، من دون أن تتدخل الدولة بصورة مباشرة في ما يحق لهم تعلمه.
في الكويت تصبح مواطنا صالحا ومحبوبا، وخوش ريال، متى ما تخليت عن التفكير والنقاش في ما لا يخصك، وعن أي طموح، وباختصار إن أوقفت عقلك عن العمل، حتى الهين منه.
في الكويت يتناقص المبدعون كل يوم. فالتشكيلي لا يعمل لأنه يصنع تماثيل كافرة، والرسام يرسم صورة حية نافرة، والممثل يقلد أصواتا مستنكرة، والمطرب يصدر أنغاما نكرة، والموسيقي كل وضعه بهدله.
أما مؤلفو القصص والروايات فلهم الحياة الآخرة!!
في الكويت أصبح مظهرنا العام متماثلا، وكأننا صين ماو تسي تونغ. فقد أصبح بعضنا كل يوم أقرب إلى بعضٍ شكلا ومنظرا ولبسا وتصرفا. وكل ذلك يتم خوفا من ذلك الرقيب الذي أصبح بيننا من دون إذن ولا دستور.
في الكويت لا تكون كويتيا إن لم تكن مصابا بالسكر أو ضغط الدم وزيادة الكولسترول وأمراض القلب الأخرى وعسر البول، وسلاسته بعد أزمة البورصة الأخيرة.
في الكويت أصبحنا نقترب أكثر وأكثر من الدولة الدينية الخالصة والماسخة التي يصبح فيها كل شيء حراماً، وكل شيء يتطلب فتوى.
في الكويت أصبحنا أقرب كل يوم إلى السجن الكبير، وخصوصاً الشباب والشابات، فلا أماكن لهو ولا ترفيه غير السير في المولات والبحلقة في وجوه الآخرين وإطلاق الحسرات، والأشواق تقطّع قلب كل شاب وفتاة.
في الكويت لا يوجد أي نوع من الاتفاق على ماهية «عاداتنا وتقاليدنا» بالضبط، ولكن الكل يطالب بالتمسك بها بالرغم من هلاميتها وعدم وضوحها وتغيرها الدائم.
في الكويت فقط يمكن أن تكون مذيعا ومقدم برامج تلفزيونية، ومدرسا في معهد ديني، وكاتبا صحفيا بأجر، وممثلا، وكاتب سير تاريخية وسيناريوهات برامج تلفزيونية، ومفتيا، في وقت واحد، وكل ذلك ولم يمض على حصولك على الجنسية فترة طويلة!!
في الكويت فقط يقبل السلفي أن تبيع شركاته كل أنواع الموبقات والمحظورات، من وجهة نظره، في الخارج، ولكنه يعارض طريقة تنفسك إن لم تكن دينية.
الكويت الوحيدة في العالم التي نبّشت عن محاكم التفتيش الإسبانية وتريد تطبيقها على الجميع بموجب مفهومها الخاص، والحكومة شبه لاهية.
الكويت الأرفع صوتا في مطالبة الدول الأخرى، أوروبية وأميركية، بالسماح ببناء مساجد فيها، ولكنها تمنع على بعض رعاياها وسكانها بناء مساجد فيها.
الكويت صاحبة أكبر عدد من أسماء الشوارع التي لا يعرف أحد شيئا عن أصحابها.
وفي الكويت توجد أعلى نسبة في العالم من الزاهدين في تولي المنصب الوزاري.
ونتوقف هنا.. فالقائمة طويلة.