مساوئ القراءة و"فيري شب"
مثل كل الجهات الأخرى في العالم، قامت الحركات والشخصيات الإسلامية بالدخول إلى عالم «الإنترنت»، كما دخلت من قبل عالم القنوات الفضائية التي كانت لسنوات طويلة محل بغضها وكراهيتها. كما أصبح للكثيرين من رجال الدين عناوين ومواقع الكترونية يتسلمون من خلالها رسائل مريديهم والمعجبين بهم أو بآرائهم، ويقومون بالرد عليها. كما تحتوي مواقع هؤلاء على سرد لسيرهم الذاتية وخطبهم وقائمة بـ«مؤلفاتهم» وابداعاتهم. ومن هؤلاء الشيخ محمد عبدالعزيز المسند، الدكتور في فقه تفسير ابن تيمية لسور قرآنية محددة والذي سبق له أن قام بالتدريس في جامعة محمد بن سعود في الرياض، وله مريدون كثر في السعودية بالذات.
وبمراجعة الموقع الالكتروني للدكتور المسند نجد ان له أكثر من 14 كتاباً، ومنها كتاب «علمتني الحياة» الذي يحتوي على جمل وعبارات غاية في الحكمة والجمال، تم تداول البعض منها عبر شبكة الإنترنت، ومنها النصيحتان العظيمتان التاليتان:
أولا: الشراكة في كل شيء غالباً ما تؤدي إلى النزاع والاختلاف والتفرق، وربما إلى البغي (!!) فتجنب الشركة ما استطعت، وان اضطررت فليكن بقدرالحاجة حتى تتمكن من الاستقلال بنفسك في النهاية (!!) ونترك التعليق والرد على هذه النصيحة الغالية لملايين المستثمرين ورجال الأعمال من أصحاب الشركات والمؤسسات المشتركة الملكية الناجحة.
اما النصيحة العظيمة الثانية فقد تعلقت بأكثر وسائل التثقيف ونشر المعرفة شيوعاً عبر التاريخ البشري، حيث يقول في الكتاب: «العلم لا يؤخذ عن طريق الكتب (!!) وقد ضل من كان شيخه كتابه، وهل بلاء الأمة اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم، إلا من قوم تفقهوا على الكتب فضلّوا وأضلوا وأتوا العجب(؟!).
لا شك أن بيننا «رهطا عظيما»، ومن مختلف شرائح ومذاهب هذا المجتمع، يعجب بهذا القول ويتفق مع الشيخ «الدكتور» في قوله هذا! فكل الشرور التي اصابت الأمم جميعا، وبالأخص الإسلامية، كان مصدرها دائما وأبدا الكتاب وقارئ الكتاب والمثقف والأكاديمي والمهني العالي التعليم! اما الجهلة والرعاع والامعات فلم يشكلوا يوما خطرا على أي نظام أو جهة أو تنظيم ديني أو فكر سلفي، مهما كانت درجة تخلفه، أو خطورته.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا طرحا، لدرجة التمرغ بالتراب، يتعلق بالكيفية التي تعلم بها الشيخ المسند، وما هو مصدر «علومه».. إن لم تكن عن كتاب؟ وما هي الوسائل «السحرية» التي استعان بها في تعليم طلبته على مدى سنوات ست؟
كلام شيخنا هذا يبين أن رجال ديننا، وفي أي بقعة كانوا، لن يتنازلوا قط عن دورهم في تحديد بدء الشهر، سواء كانت تلك الجهة مرصداً عالمياً أو حسابات فلكية دقيقة!! فهم على يقين بان نهايتهم ستبدأ يوم يتوقف الناس عن الاهتداء برأيهم والاستئناس بوجهة نظرهم، وبالتالي فالفرقة بين طوائف الإسلام ستستمر ما دام هناك من يغذي الخلافات بينها ويؤججها!
المهم أننا في ذروة انشغالنا، وإلى حد ما اختلافنا على تحديد الأسلوب الأكثر صلاحاً ودقة في تحديد بدايات الأشهر العربية المختلف عليها منذ الأزل، أعلنت شركة «فيري شب» الأميركية، نجاح علمائها، عن طريق القراءة المستمرة، ولا شيء غير ذلك، في إنتاج جهاز بحجم حبة الأرز يمكن زرعه تحت جلد الإنسان، بعد معالجته كمبيوتريا، بحيث يستطيع حامله عن طريق خاصية معينة دفع فواتيره وقوائم مشترياته من أي مصدر أو جهة من دون الحاجة إلى حمل أمواله نقدية أو بطاقات ائتمان، كما تمكن تلك الحبة من التعريف بشخصه عند السفر والتنقل أو في السماح لحاملي تلك الاجهزة فقط بدخول أماكن خاصة، كما يمكن عن طريق تلك الحبة، عبر الأقمار الصناعية، تحديد موقعه في أي مكان، في حال خطفه مثلا، هذا بالاضافة إلى مئات الاستعمالات الأخرى.
كل ما نحتاجه هو أن نعيش طويلا لنرى عجبا، منا ومنهم، وعليكم حساب الفرق بين الأعجوبتين!