«كوكوش»
أخرج صابر آتشي يده من حزام بنطاله الفضفاض وبحركة سريعة أخرج يده وبها كرة قماش بيضاء اللون وضعها على رأسه وأخذ يدور على المسرح متباهيا بقدرته على إبقائها في مكانها. وفجأة أطلق صرخة وصاحبها بضربة خفيفة على بطنه بقبضة يده فانفتحت الكرة بما يشبه الانفجار وخرجت منها مئات أشرطة القماش الملونة التي غطت صابر آتشي من رأسه حتى أخمص قدميه، وهنا بدأ في الدوران حول نفسه والرقص مع إيقاع الموسيقى، ثم رفع ساقه الى الأمام، خارج الشرائط التي تغطيه، لتنزلق من داخل بنطاله فتاة صغيرة وتقف على قدميها جامدة ثم تبدأ بمشاركة الرجل في الرقص السريع والمرح وسط تصفيق الجمهور الذي تعجب من وجودها كل ذلك الوقت حول قدم الرجل دون أن يفطن أحد لذلك على الرغم من كل ما قام به من حركات ورقص. كان ذلك في ستينات القرن الماضي وفي «تياتر» متواضع في خيابان (شارع) «لاله زار» الذي كان يقع وسط العاصمة الإيرانية طهران، حيث كان صابر يؤدي وصلاته كل ليلة برفقة ابنته الصغيرة الموهوبة، وكانت تلك البدايات الأولى للمطربة كوكوش، التي نجحت خلال سنوات قلائل في أسر قلوب عشرات ملايين الإيرانيين وغيرهم ولعقود عدة.
وفجأة نجح آية الله الخميني في ثورته في نهاية السبعينات، ومثل أي شيء جميل آخر يمت للفن، انتهت حياة كوكوش الإبداعية في اليوم الأول لنجاح الثورة الخمينية، وانتهت معها عشرات آلاف المهن وما يتبعها من وظائف وأعمال بعد أن أقفلت جميع دور اللهو والمسرح وصالات السينما والملاهي الليلية. كما منع غناء الرجال والنساء في الأماكن العامة... وغطى الشادور والمنتو إيران من أقصاها إلى أقصاها.
كانت كوكوش متزوجة من محمود قرباني، وكان رجل أعمال معروفا، ولكن ربما تطلقت منه بعدها، حيث أشيع أنها اقترنت، أو أجبرت على الاقتران، بأحد رجال الدين (الملالي) المقربين من السلطة. كانت كوكوش، التي كانت في ثلاثيناتها في تلك الفترة، لا تزال تتمتع بالجمال والصوت الآسر، وكانت عصرية في كل أمور حياتها، وبالتالي لم يعرف أحد حتى اليوم السبب الذي دفعها للإقدام على تلك الزيجة، ولكن خروجها من إيران هربا بعدها بقليل لفضاء الحرية الرحب في أميركا أطلق مجموعة من الأقاويل التي كانت في مجملها في مصلحتها.
لم يمر وقت طويل على استقرار كوكوش في ولاية كاليفورنيا، حيث تقطن غالبية إيرانيي أميركا، حتى عادت لإحياء الحفلات الغنائية. كما ارتبطت بالغناء في «لاس فيغاس» لأكثر من مرة. كما كانت في «دبي» قبل فترة قصيرة، ويقول كل من شاهدها انها، وعلى الرغم من سنيها الستين فهي لا تزال محتفظة بنضارتها وحيويتها وقوة صوتها وجماله!
موضوع هذا المقال يتعلق بـ«فيديو كليب» جديد ومثير للجدل صورته الفنانة كوكوش أخيرا في أميركا بعنوان «شك ميكونم»، أي أنني أشك، من إخراج سيروس كردواني!! ووجه الإثارة فيه يتعلق بكونه أول أغنية مصورة بإتقان لمطربة بوزنها، وبخلفيتها الدينية والعرقية، تنتقد فيها الأنظمة الدينية، أيا كانت، وتحذر من الأوجه الشيطانية لبعض رجال الدين، وعدم ترددهم في ربط الأحزمة الناسفة حول أجساد الفتيات الصغيرات البريئات وإرسالهن للقيام بالعمليات الانتحارية بعد تعليق مفاتيح الجنة في رقابهن.
تقول الأغنية، والترجمة لصديق وبتصرف أعتقد أنه مخل: ...طالما شككت بهؤلاء الدمى (تقصد رجال الدين)، وشككت في مقاصدهم. لقد اشمأزت نفسي من ملائكة الخداع، كم أتمنى أن أشي بهم لمن هو أعلى منهم، ولست بخائفة على فعل ذلك بعد أن فقدت كل شيء، والشيطان يقول ان الحاكم مدين لي بالكثير، وأنا سعيدة لأني قادرة على تقديم الخير الوفير.
رابط الأغنية على الإنترنت موجود لدينا لمن يود الاطلاع عليه.