وزراؤنا ونوابنا.. واحترام عقل الآخر
من أكثر الأمور مدعاة للغيظ عدم احترام الآخر لعقلك وهو يحدثك، أو عندما يصرح السياسي أو يلقي خطابا يحاول فيه التقليل من ذكاء الآخرين.
1- بعد يوم من كشف «فضيحة» ضابط امن الدولة صرح وزير الداخلية أن دولة خارجية متورطة في قضية الضابط!! وفي إشارة زادت من غموض الوضع ذكر أن تلك الدولة «جارة لنا وتطالبنا بإسقاط قروضها!» وقد احتار الكثيرون في تحديد تلك الدولة، حيث ان عدد الدول التي تجاورنا يزيد على 25، كما أن غالبيتها مدينة لنا. وتسهيلا منا لحل لغز معرفة اسم تلك الدولة، فإننا نشير إلى أن الحرف الأول منه هو «العراق»!
الطريف أن الوزير المعني نفى بعدها بيوم وجود أي تورط خارجي في القضية. وفوق هذا تبين بعد يومين آخرين أن الدولة الجارة تعاونت مع الكويت وزودتها بقائمة أسماء لعدد من مواطنيها الذين تشتبه أن الضابط «الكويتي» المتهم ربما ساعد في دخولهم الكويت والبقاء بها، أو في استخدام أراضيها للهروب منها لجهات أخرى!!
2- في محاولة لتبييض صفحة بعض الجمعيات الخيرية التي تحوم الشكوك حول تصرفاتها المالية، وتحضيرا لزيارة سمو رئيس الوزراء لأميركا، صرح وزير الخارجية بأنه لم يثبت تورط أي جمعية خيرية في الكويت في عمليات تمويل الإرهاب!!
ونحن بدورنا نتمنى صحة ذلك، فما يسيء لسمعة وطننا يسيء لنا جميعا، ولكن الشيخ الدكتور محمد يعلم جيدا بأنه يفتقد، كما تفتقد وزارة الشؤون ومجلس الوزراء، وجهات معنية أخرى، لأي دليل بات وحاسم يثبت براءة هذه الجمعيات من أي اتهام، لأنها وببساطة شديدة، ترفض جميعها حتى الآن قيام أي طرف أو جهة بالإطلاع على سجلاتها المحاسبية ومعرفة مصادر أموالها، أو مصارفها!! فكيف إذا عرف الوزير أن جمعياتنا بريئة؟
3- تعهد النائب وليد الطبطبائي، الذي فرضته الأقدار عضوا بارزا في لجنة «حقوق الإنسان» في مجلس الأمة، قبل شهرين تقريبا بكشف أسماء المتورطين في قضايا الاتجار بالبشر وهضم حقوق العمال الوافدين. ولكنه لم يلتزم بوعده حتى الآن على الرغم من مرور كل هذا الوقت. وحيث ان نائبنا المعني أكثر من غيره بقضايا محاربة الفساد، وهذا ما سبق أن ذكره في أكثر من مناسبة، وأنه لم يترشح للمجلس إلا للدفاع عن القضايا الأخلاقية، ولا أعتقد أن قضية الاتجار بقوت العمال المساكين وقوت أسرهم ليست من القضايا الأخلاقية، فلماذا إذاً تقاعس حتى الآن في التخفيف من معاناة هذه الفئة المسكينة بكشف أسماء هؤلاء المتاجرين المجرمين بحقوق مئات آلاف العمال وسمعة الوطن، محليا ودوليا، هذا بخلاف تكلفة ذلك على المال العام الذي أقسم الطبطبائي على المحافظة عليه. ألا يعتبر ذلك استغفالا لعقول الآخرين، حيث أنه كان يعلم منذ اليوم الأول لتصريحه بأنه «مو قد الشغلة»، وأن له مصالح مع الوزارات المعنية؟! فليس هناك ما يمنعه من عقد مؤتمر صحفي و«بق البحصة» ونشر ما لديه من معلومات عن الشركات والأفراد المتورطين، خاصة أن أحدهم ثبتت عليه المتاجرة بمصير أكثر من 90 ألف عامل على مدى السنوات القليلة الماضية!!
4- كتبت قبل أيام عن حالة الشعور باليأس والقرف التي أصبحت تنتابني بين الفترة والأخرى، وقد زالت جميع أعراض تلك الحالة بعد قراءة تصريح وزير الشؤون (القبس 17-9) الذي ذكر فيه، وبعد قضاء ستين دقيقة في زيارة تفقدية لإدارة عمل الجهراء، أن عهد التسيب والكسل والتحايل على القانون قد ولى بلا رجعة!! فشكرا يا سيدي الوزير ..لقد أثلجت صدري وشرحت فؤادي، واحترمت عقلي وما تبقى من ذكائي بتصريحك الجميل، ولن أقول يا ليت لدينا الكثير من أمثالك في الوزارة فهم، والحمد له، موجودون بكثرة.