فضيحة اللافتات.. والبشير
قامت جهة ما في إدارة المرور بتركيب لوحات أو جسور حديدية كبيرة على عدد من الطرق السريعة تضمنت علامات إرشادية ملونة على اليمين وكتابات وتعليمات باللغتين الانكليزية والعربية على اليسار.
لاحظ الكثيرون، ومنذ اليوم الأول، مثالب تلك اللوحات وخللها الواضح. فهي مثلا، على الرغم من كبر حجمها، فان مساحة ما خصص منها للعلامات والإرشادات صغير، مقارنة بما تبقى خاليا دون مبرر!!. كما أن حروف الكلمات الانكليزية والعربية التي كتبت بها تلك التعليمات صغيرة ولا تبدو واضحة من مسافة مناسبة وتحتاج لجهد وتركيز لقراءتها، أو فك رموزها الصغيرة، ولا تكاد تكمل قراءة ما هو مدون عليها حتى تجد نفسك تحتها بسبب طول بعض الجمل واضطرارك، فضولا أو تقيدا بالقانون، الى قراءتها كاملة، ولتكتشف أنها شتتت فكرك وانتباهك على الرغم من أنها تطالبك بـ«عدم الانشغال بشيء عن مخاطر الطريق أثناء القيادة»!!
المضحك، وربما المؤسف في الموضوع، أن كافة محاولاتي في الدفاع عمن اختار تلك اللوحات، التي عرفها الغرب قبل20 عاما، والتعلل بسوء فهم المسؤول وقلة الخبرة، وأنها الدفعة الأولى فقط، وربما ستكون اللوحات القادمة أقل عيوبا، كل هذه المحاولات باءت بالفشل، بعد أن أصر كل من فتح الموضوع معي أو اتصل بشأنها شاكيا على القول ان في المسألة سرقة وخراب ذمم، وان جهة ما استفادت بغير حق من توريدها وتركيبها، بعد أن «طاحت بكبد المصنع»!! فلا يمكن أن تقبل إدارة تحترم نفسها على شراء لوحات بكل هذه العيوب، إلا إذا كانت برخص التراب وتم توريدها بالأسعار العالمية، ناقص 10% مثلا، بعد أن رفضتها دولة أو دول أخرى لعيوبها الواضحة!!
وهذا المثال البسيط يبين أن الشك في صلاح الإدارة الحكومية وفي نظافة يد كبار مسؤوليها أصبح عرفا واعتقادا منتشرا بين غالبية المواطنين والمقيمين، وهو شعور لم يأت اعتباطا، فصحف كل صباح تمتلئ بأخبار الصفقات المريبة وقضايا الفساد الإداري والتسيب الوظيفي وحروب الكبار على الصفقات الضخمة التي بيد الصغار حق تمريرها والموافقة عليها، أو تأخير إنجازها.... طمعا في المقسوم!!
• ملاحظة:
أصدر الوزير العادل والفاضل حسين الحريتي قرارا طال انتظاره أعفى بموجبه «عصام البشير، عضو مكتب الحزب الحاكم في السودان، وأمين عام مركز الوسطية في الكويت، من مهام منصبه الهلامي ذي المزايا المادية العالية وألحقه بمكتبه كخبير»!!
ولا شك أن قرار الوزير واجه مقاومة كبيرة من نواب الحركة الدستورية، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين، ولكن عدل الوزير، الذي نتوقع منه الكثير، تغلب على مطالب هؤلاء الذين وضعوا مصلحة الحزب وأتباعه فوق مصلحة الوطن، وهذا ليس بالأمر الغريب عليهم أصلا. وفي هذا السياق نلاحظ زيادة كبيرة فيما يضيع من جهد ووقت الوزراء في معالجة الأخطاء القاتلة، وخصوصا في التعيينات العشوائية التي «ارتكبها» من سبقهم، وما يجري في التجارة والعدل والأوقاف خير مثال.