آسيوي ودعها بحبل
غريب ومحزن جدا الخفة التي تتعامل بها الصحافة المحلية مع قضايا الانتحار، خاصة عندما تكون الضحية خادمة مسكينة او وافداً اسيويا فقيرا بائسا ضاقت به السبل، فلم يجد غير طريق الموت شنقا للخلاص من شقائه بعد ان تحطمت آماله وتبخرت احلامه في الثراء، يوم اكتشف ان ما دفعه من مال لذلك الكفيل المجرم مقابل فيزا دخول جنة الكويت قد ضاع، وأن ليس في امكانه سداد ما تراكم عليه من ديون لاهله وأصحابه الحالمين معه!!
والمؤلم اكثر ان اي جهة، رسمية او شعبية او حتى دينية، وما اكثرها، او سفارة اجنبية لم تكلف نفسها دراسة ظاهرة ازدياد حالات انتحار هؤلاء الخدم او العمال الهامشيين، حيث ينتهي الامر عادة اما بالتصريح بدفن الجثة، كـ «حادثة انتحار»، او شحنها الى ذوي المنتحر ان تقدم من يتكفل بدفع المصاريف، وهذا ما لا يحدث غالبا!! ولكن لم يسبق ان كلف اي طرف «خاطره» بالسؤال عن مسؤولية «المواطن» الذي كفل هذا المسكين واحضره للبلاد، او عن الظروف التي دفعته لأن يقتل نفسه شنقا في جاخور او شقة، او حتى في بيت كويتي فخم البناء.. من الخارج!!
وأتذكر بهذه المناسبة ان موظفا كان يعمل لديّ قبل سنوات، طلب مني المساهمة في تغطية تكاليف نقل جثة عامل سريلانكي وجد منتحرا في مكان عمله، وقال ان ذلك العامل سبق وان اشهر اسلامه قبل الحادث بعدة اشهر عن طريق لجنة تعريف، ويقول انه حضر احتفال اسلامه مع مجموعة اخرى والتقطت لهم الصور التذكارية، واعطي لكل منهم مبلغا من المال وهدايا بسيطة ومطبوعات دينية، كما طلب منهم، والدموع تملأ مآقيهم، التوقيع على اقرارات تنازل عن المطالبة بأي حقوق في حال نشر صورهم، وهم يبكون، على وسائط النقل او المطبوعات!! وقال انهم عندما ذهبوا الى لجنة الهداية نفسها لطلب مساعدتهم في نقل جثمان ذلك المنتحر الى وطنه، رفض المسؤول بحجة ان الميت منتحرا كافر، وان مات مسلما فمن الافضل دفنه في الكويت، فأرض بلاده غير طاهرة!!
نكتب ذلك بمناسبة التصريح الذي ادلى به وزير الشؤون الجديد من ان بعض مواد قانون الاتجار بالبشر تصل العقوبة فيها الى الاعدام!! وكلامه هذا يعني ان 100 الف كويتي على الاقل سيواجهون هذه العقوبة في حال اقرار القانون.. وتطبيقه، وسيكون بين هؤلاء وزراء ونواب سابقون وحاليون وحزمة من المتنفذين!!
نتمنى عرض القانون المتضمن عقوبة الإعدام على مجلس الامة، لنعرف حقيقة المشاعر الانسانية التي يتحلى بها نوابنا، خاصة الملتحين منهم بقوة، ومدى اهتماهم بحقوق الانسان، ونؤكد هنا ان مصالح ناخبيهم، المتاجرين بقوت البشر ومصاصي دماء الفقراء، ستكتم انفاس القانون في اللجنة المختصة!!