أميركا الأجنبية
نادرا ما اكتب عن وزارة الخارجية، واشعر بتردد كلما انتابتني الرغبة في الكتابة عنها، سلبا، وسبب ذلك يعود لما اكنه من ود لوزيرها الشيخ محمد الصباح الدمث والخلوق، ولما بيننا من لقاءات، قبل الاحتلال وبعد التحرير، والتي تخلل بعضها «عشوات» عامرة.
لكن تصريحه الاخير الذي اعلن فيه: «.. اننا لسنا بحاجة لاجنبي ليبلغنا اهمية فتح سفارة في بغداد»! خرج عن كل مألوف، واحتاج الى الدبلوماسية التي يتحلى الوزير الشيخ بها، وبالتالي خيب كلامه امل الكثيرين منا!
يطلق لفظ «اجنبي» عادة، وفي اي لغة او لهجة، على الغريب او غير المألوف من الامور او الافراد غير المنتمين للبيئة او الخارجين عنها.
والاجنبي اما ان يكون شخصا غير مرغوب فيه، او يكون وجوده، مقبولا ولكن على مضض لحاجة ما!، وبذلك يصبح للكلمة معنى سلبي لا يمكن اخفاؤه، ويطلق عادة على ما نود التقليل من شأنه او التعريض به!
ولو علمنا ان الاجنبي الذي قصده وزير الخارجية وعناه في تصريحه، وترفع حتى عن ذكر اسمه، هي حكومة الولايات المتحدة الاميركية، بكل ما لها من دين في اعناقنا، وما بيننا وبينها من مودة لكل ما قدمته للكويت، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من امن وسلام وكرامة، والتي «لاتزال» تربطنا بها اتفاقيات ومعاهدات تتعهد فيها الحكومة الاميركية، الممثلة الشرعية للشعب الاميركي، بالتدخل عسكريا للحفاظ على استقلال وطننا وكرامتنا وشرعية حكمنا، حتى ولو تطلب ذلك التضحية بارواح شبابهم والمخاطرة بصرف اموال دافعي ضرائبهم من اجل الذود عنا وعن استقلال وطننا وحرية وكرامة الشعب والاسرة الحاكمة!
لسنا على اطلاع كاف على مجريات السياسة وخفاياها، وقد تكون للدبلوماسية الكويتية اسبابها التي تجعلها تتريث في مسألة فتح سفارة للكويت في بغداد.
فالوزير والوكيل ليسا اقل حرصا على مصلحة الكويت من اي مواطن غيور آخر، وبالتالي، لسنا في معرض المزايدة على احد ومطالبة الحكومة بضرورة فتح سفارة لنا في بغداد او في غيرها، فكبار الخارجية اعلم بذلك، ولكننا لا نعتقد في الوقت نفسه ان اطلاق صفة «اجنبي» على الحكومة الاميركية كان حصيفا.. وكل ما نتمناه ألا يكون ذلك وصف «الاجنبي»، الذي لا استسيغ شخصيا استخدامه، كتابة او قولا، في الاشارة الى المقيمين بيننا من غير المواطنين، نتمنى ألا يكون اكثر من زلة لسان من شيخ الدبلوماسية الجديد، الذي نتوقع منه كل خير مستقبلا، فأميركا اكثر من صديق واكبر من حليف، ووجودنا برمته يعتمد عليها وحدها، ان حاول اي طرف الاعتداء علينا.. ولا اعتقد اننا نريد من «اجنبي» ان يحمينا مرة ثانية.