كلام الناس. ضربني وبكى سبقني واشتكى
لم تتسبب جهة في الاضرار بالتعليم، على مدى السنوات الثلاثين الماضية، في المدارس والمعاهد الحكومية بالذات، كما فعل كبار مسؤولي الوزارة، وبالذات من المنتمين ل'جمعية الاصلاح الاجتماعي'، وبعض من السلف!
وعلى الرغم من هذه الحقيقة التي يعرفها كل من له علاقة بالتعليم، فان أمين الاصلاح، السيد بدر ناشي، كان أول من طلب مقابلة رئيس الحكومة للشكوى من انحدار مستوى التعليم، خصوصا بعد ظهور النتائج الخطيرة والمؤسفة جدا لدراسة البنك الدولي عن مستوى الكويت التعليمي بين دول العالم!.
بينت دراسة البنك أن الكويت، على الرغم من ثرائها المادي وقلة مشاكلها الاجتماعية نسبيا، وصغر حجمها وضآلة عدد سكانها وتوافر بنية تعليمية كاملة فيها، فانها احتلت المرتبة 43 بين 45 دولة(!!) وكان مستوى المغرب وجنوب أفريقيا فقط أدنى منها، وسبقتها قطر وايران وغيرهما الكثير. أما أندونيسيا، التي ينظر الكثير من الجهلة إليها نظرة دونية لا لشيء الا لأنهم يجلبون منها خدم منازلهم، فقد كانت بمستوى تعليمي أفضل من الكويت بكثير!
المؤلم والمؤسف والمبكي لا يكمن في هذا المستوى المنحدر والهابط الذي بلغه التعليم في دولة الرخاء وطلبات اسقاط القروض والغاء فواتير الكهرباء، بالرغم من فداحة الأمر، بل في تقرير نفسر المصدر الذي صدر قبل 6 سنوات والذي وضع الكويت في المرتبة 33 من بين 35 دولة فقط! أي أن وضع التعليم أصبح الآن أكثر سوءا مما كان عليه قبل 6 سنوات! فهل هناك ما هو أكثر بؤسا واجراما بحق الوطن والمواطنين من هذا؟ وأين كان السيد أمين عام جمعية الاصلاح الاجتماعي، فرع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين، وأين كانت جماعته من ذلك التقرير ولماذا لم يتقدموا بالشكوى في حينه، خصوصا أن 'جمعية معلمي الكويت' كانت، ولا تزال قابعة في أحضانهم منذ عقدين؟
غريب أن لا تقوم أي من الحكومات الرشيدة التي شكلت في 2001 على الأقل، بعمل شيء لانقاذ التعليم بالرغم من الصرخة التي أطلقها خبراء البنك الدولي في حينه. والأغرب أن ليس في الأفق ما ينبئ بوجود نية لفعل شيء ما لانقاذ الوضع! والأغرب من كل هذا وذاك أن مدارس تحفيظ القرآن زادت في الفترة نفسها ثلاثة أضعاف، ولم يقف أحد ليسأل نفسه عن فائدة كل هذا الكم الهائل من حفظة القرآن، ومستوى التعليم العام بمثل هذا الانحدار والتهالك، وما فائدة مسلم قوي في حفظه لنصوص كتبه الدينية ولكنه ضعيف في كل المواد الأخرى، دع عنك العلمية؟!
أوليس غريبا كل هذه الزيادة السنوية في عدد الراغبين في تخصيص جوائز مسابقات للمبدعين في الحقول الدينية من دون أن يفكر واحد منهم في تخصيص ولو جائزة يتيمة واحدة للمبدعين في الفيزياء أو الأحياء مثلا أو حتى في الجغرافيا؟
ملاحظة: نتمنى أن لا يرد أمين الجمعية بالقول ان بعض من تولوا حقيبة التربية، خلال الفترة نفسها، كانوا من الليبراليين! حيث إن هذا مجاف للحقيقة، فلم يستلم ليبرالى أمور التربية في الكويت بعد عبدالعزيز حسين، وأقرب هؤلاء لليبرالية هو الذي وافق على قانون الفصل الجنسي الأخرق في الجامعة والذي تبعته أنظمة فصل وعزل أخرى في جميع المرافق التعليمية. نقول ذلك ونحن نعلم بأن العلة في المناهج والخطط التربوية والسياسات والعقليات التعليمية، وليس في وزير يأتي لسنة أو اثنتين لا يعرف خلالهما من هو 'طقاقه'!.