أمراض المجتمع الكويتي (1/2)
تعيش الكويت وشقيقاتها الخليجيات واخواتها العربيات منذ عقود ثلاثة عرسا دينيا يسمى بالصحوة، ولو نظرنا لاحوالنا في الكويت، والتي قد تكون مثالا مصغرا لغيرها، لوجدنا ان الصحوة تمثلت حقيقة في امور ثلاثة رئيسية، واخرى ثانوية متعددة:
اولا: زيادة كبيرة في المظاهر الدينية بشكل خارق للعادة، ومخالف لاي تطور طبيعي مثل ذلك الذي مرت به الدول او المجتمعات الاخرى. فلو شاهدنا وتمعنا في مظاهر الحياة واشكال الناس الخارجية وعاداتهم وتقاليدهم وطريقة لبسهم قبل نصف قرن او اقل، سواء من خلال افلام سينمائية او وثائقية، لوجدنا ان تغيرنا او تطورنا كانا حالة شاذة او خاصة!! فالتغيرات التي طرأت على عادات وتقاليد وتصرف وطريقة لبس واكل وسلام وقيام خمسة مليارات انسان في العالم كانت غير تلك التي طرأت على حياة المسلمين، والكويت مثال بالذات!! والامثلة على ذلك اكثر من ان تحصى. ولا نود هنا الدخول في مسألة ما اذا كان هذا التغير في السلوك او التطور في اللبس والعادة للاحسن ام للاسوأ، فهذا موضوع مقال آخر.
ثانيا: بخلاف مجتمعات الدنيا كافة، غير المسلمة وغير العربية، فقد تم تسييس الدين بشكل واضح، وزيدت الجرعة الدينية القاسية والمتشددة في كل امر ومنحى، وزاد معها بناء دور العبادة بشكل لم تشهده البلاد في تاريخها.
كما زاد عدد الدعاة والمتاجرين بالدين والمستفيدين من مظاهره، بحيث اصبح لدينا فجأة عشرات المليونيرية الدعاة ومقرئي القرآن وملقي الخطب الدينية. كما اصبح الكثيرون منهم نجوما، وبنسبة تفوق نظراءهم في الدول الاخرى، كما زاد حرص الحكومة على ادخال الدين في كل المناهج على حساب المواد الحيوية والمهمة الاخرى، دون الالتفات لحقيقة ان الحكومة باعضائها كانت نتاج السياسة التعليمية الليبرالية السابقة الاقل تشددا دينيا، ولم يجعلهم ذلك من الفاسدين او المفسدين.
ثالثا: وهي النقطة الاكثر خطورة، وتكمن في زيادة نسبة الرياء، او 'الهيبوكرسي' في المجتمع، واستشراء النفاق والكذب بشكل واضح، ومرد ذلك يعود الى ان غالبية افراد المجتمعات الاسلامية، والى حد بسيط بقية المجتمعات، وخاصة بين الفئات العمرية الاصغر، يصعب عليهم الامتثال طواعية لكل اوامر ونواهي الدين بشكل مثالي! وهذا يدفع بنسبة عالية منهم لترك هذا الفرض او التساهل في غيره او حتى كراهية اداء واجب ديني او اكثر. وحيث ان مجتمعاتنا لم تنهل قط من ثقافة التسامح، فالصحراء لا تخرج غير طبع قاس وجاف، فان المخرج الوحيد امام هؤلاء المخالفين والعصاة هو في الكذب او في الادعاء بغير ما يبطنون والتصرف اجتماعيا بما يطلبه المجتمع غير المتسامح منهم وارتداء ما يرضي افراده، او القيمين عليه، من دون اقتناع بالتصرف او اللبس!!
.. والى مقال آخر.