الوزير السميط والجمعيات الخيرية
اجرت 'السياسة' (9/21) مقابلة مع السيد يحيى السميط، وزير الاسكان في فترة الغزو. وردا على سؤال يتعلق بما يشاع من ان اموال الجمعيات الخيرية تذهب لدعم الارهاب الدولي رد قائلا ان الاموال الخيرية بعيدة كل البعد عن اي اعمال ارهابية. وعموما فان الوفود الاجنبية بعد 11 سبتمبر استطاعت ان تثبت ان الاموال الخيرية الكويتية لا تذهب للعمليات الارهابية، كما ان وزارة الشؤون تراقب اعمال الجمعيات واللجان الخيرية ولذلك نحن نؤكد صفاء ونقاء الاموال الكويتية التي تذهب للخارج' (!!!).
ما كنا نود التعليق على كلام الوزير السابق لو لم يتكرر ما يماثله كثيرا في الفترة الاخيرة على لسان اكثر من وزير ونائب، حيث كاد يصبح حقيقة لا تقبل النقاش، وقد يكون العكس اقرب للصحة (!!).
يعرف السيد يحيى مثلا كويتيا معروفا يقول: لا تبوق لا تخاف!! وبالتالي فإن كانت سمعة الجمعيات الخيرية بكل ذلك النقاء والصفاء فلم كل هذا الاصرار من قبلها على العمل في الظلام؟ ولماذا لم تترك وسيلة او جهة لم تستعن بها لإبعاد 'شبح' الرقابة عن اعمالها وسجلاتها؟ ولماذا اقر كبار مسؤولي وزارة الشؤون بعجزهم التام عن الاحاطة بما يجري في هذه الجمعيات، وقلة حيلتهم فيما يتعلق بالرقابة عليها؟
لعلم السيد السميط، ولا اخاله الا عالما بذلك، فإن في الكويت اكثر من 140 جمعية ولجنة وغالبيتها الساحقة غير مشهرة ولا تعرف الوزارة المعنية الا القليل عنها، فهل من سمات العمل الخيري العمل بصورة غير قانونية؟
ولعلمه ايضا، فان وزارة الخزانة الاميركية قامت بزيارة الكويت اكثر من 7 مرات ولم يرد على لسان اي مسؤول فيها قط ان الجمعيات الخيرية في الكويت 'بريئة' من التهمة، وان اموالها 'نقية وصافية'!! ولو كان الامر كذلك لما تطلب الامر من الحكومة الاميركية صرف عشرات ملايين الدولارات على زيارات وفودها، ولما قبلنا بتدخلها في شؤوننا الداخلية!.
ولعلمه ايضا وايضا فان وزارة الشؤون قامت اكثر من مرة بطرح مناقصة تدقيق ومراجعة حسابات هذه الجمعيات دون جدوى حيث تم 'افشال' تلك المحاولات المرة تلو الاخرى لان جهات كثيرة لم يكن في مصلحتها اجراء اي تدقيق على سجلات هذه الجمعيات وحول انشطتها. كما قامت الشؤون بالغاء اخر مناقصة بعد ترسيتها وبعد ان تبين ان 'المحاسب الامين' الفائز بها عضو ومؤسس في اكثر من جمعية 'خيرية'! فهل من شيم القائمين على ادارة الجمعيات الخيرية اللجوء إلى هذه الاساليب في ادارة اعمالها؟ انني اطلب، عبر هذا العمود، من السيد يحيى السميط، الذي تحدث عن 'صفاء ونقاء' اموال الجمعيات الخيرية، لاستعمال نفوذه، لنقوم واياه بزيارة لمسؤولي ادارة مراقبة اعمال الجمعيات الخيرية ولمجلس ادارة جمعية الاصلاح، بالذات، لأثير معهم ما لدي من تساؤلات ولأبحث دقة ما أمتلك من معلومات عن انشطتهم، وليعرف ان وصفه لأموال هذه الجمعيات بالنقاء والصفاء ليس دقيقا، ولا حتى قريبا من ذلك.
* * *
ملاحظة: قام سمو الشيخ سالم العلي بالتبرع بمبلغ 100 مليون دينار لسداد ديون فئة من المواطنين. اشاد الكثيرون، وعلى رأسهم مسؤولو الجمعيات الخيرية، بهذا التبرع السخي! وعليه فإن هناك من هو بحاجة للمساعدة في داخل الكويت ولا داع بالتالي لخروج اموال الخير للخارج، او ان هذه الجمعيات كانت تمارس النفاق في اشادتها بمبادرة الشيخ سالم! فما هو خيارها، والاول أمر من الثاني؟
ولكن هؤلاء ليسوا بكل هذه السذاجة، فهم على علم بان ما يصرف في الخارج تصعب مراقبته ومتابعته وهنا، فهمكم وفهم السيد يحيى كاف!