البهرة والدمخي

كان غوبلز، وزير دعاية هتلر، يقول: كلما سمعت كلمة 'مثقف' وضعت يدي على مسدسي!! وانا كلما سمعت احد غلاة السلف، ومن دب دبهم، يتكلم عن حقوق الانسان، وفي الكويت بالذات، تمتد يدي.. إلى قلمي!!
وافقت الحكومة قبل فترة لطائفة من البهرة على قيامهم ببناء مسجد وصالة احتفالات خاصة على أرض للدولة في منطقة العارضية.
رفض المجلس البلدي بأغلبية ساحقة طلب الحكومة، وهذا يعني ان على هؤلاء الذين يبلغ عددهم 12 الفا في الكويت، تدبير امورهم بطريقة ما!! ولكن من هم هؤلاء البهرة؟
يمكن القول بشكل عام ان المسلمين ينقسمون الى اكثرية سنية وأقلية شيعية. كما تنقسم كل طائفة الى أفرع وشعب متعددة.
في الوقت الذي يتواجد فيه السنة في كل مكان بأعداد كبيرة نجد ان الشيعة يتواجدون فقط بشكل رئيسي في ايران، اذربيجان، العراق، باكستان، الهند، منطقة الاحساء، الكويت، البحرين، لبنان والى حد ما اليمن.
اساس تفرع، أو تفرق، السنة قائم على امور تتعلق بتفسيرات أئمة محددين للشريعة! وعلى الرغم من أن أسباب تفرع، أو تفرق الشيعة، يعود كذلك لأسباب شخصية، لكن الاختلاف هنا يتعلق في بداياته، بموقف هذه الطائفة أو غيرها من قضية تسلسل ائمة البيت الواحد، أي المنحدرين من نسل 'علي وفاطمة وابنهما الحسين' بالذات وابنائه واحفاده من بعده، اكثر من تعلقه باختلافات مذهبية او تفسيرات تشريعية. فالشيعة الاثني عشرية مثلا والذين يشكلون 80% يعتقدون باثني عشر اماما. أما الاسماعيلية مثلا فإن أتباعها يعترفون بالائمة الستة الأول من هؤلاء ويختلفون بعدها على أي من أبناء الامام السادس أحق بالامامة من بعده!! فالاثني عشرية ترى ان 'موسى الكاظم'، ابن جعفر الصادق هو الامام السابع، اما الاسماعيلية مثلا فإنهم يعتقدون بأنه اسماعيل بن جعفر الصادق الاخر، هو الاحق بالامامة!!
طائفة البهرة فرع من الاسماعيلية ولكن اختلفوا، وانفصلوا عنهم تاليا لأسباب تتعلق أيضا بتسلسل الامامة.
ينقسم البهرة، وهم بالتالي مسلمون شيعة، وتأسس مذهبهم في الهند قبل اكثر من 910 اعوام الى 7 اقسام. يؤمنون جميعا بجميع اركان الاسلام الخمسة ويتقيدون بها بصرامة اضافة الى ميلهم الشديد لآل البيت.
رئيس جمعية مقومات حقوق الانسان السيد عادل الدمخي، وهو من السلف ذكر في 'الوطن' (10/8) بأن جمعيته ملتزمة بخط شرعي ترى من خلاله ان 'البهرة' اقلية وليسوا مواطنين وبالتالي لا يحق لهم انشاء معبد في الكويت! فجزيرة العرب لا ينشأ فيها معابد لغير الاسلام!!
سنكتفي هنا بوصف عدم الاطلاع!! ونبين للسيد الدمخي الامور التالية: لم تتوقف جماعة اسلامية، ولأي مذهب انتمت، يوما عن بناء ومطالبة دول اوروبا واميركا بالسماح لهم ببناء المساجد في دولهم ولم يمنعهم من ذلك كونهم اقلية صغيرة او غير مواطنين! فدور العبادة من وجهة نظر هؤلاء من حقوقهم الانسانية!! ولكن عندما يطالب الآخرون بالحق نفسه يصبحون اقلية وليسوا مواطنين ويهدفون لزرع الفتنة في بلادنا كما ورد في المصدر نفسه على لسان السيد بسام الشطي!!
كما يعلم السيد الدمخي بأن في الجزيرة مئات دور العبادة غير الاسلامية منتشرة من عمان وحتى الكويت ومنذ اكثر من مائة عام ولم يؤثر وجودها قط في معتقدات مواطني هذه المنطقة!!
ويعلم فوق ذلك، كونه رئيسا لجمعية تهتم بحقوق الانسان، وهذه نكتة سمجة حقا، ان على سلطات دولته واجب توفير جميع احتياجات البشر الذين يتواجدون برضاها على ارضها فكما انهم بحاجة الى العمل والعلاج والتعليم فإنهم بحاجة كذلك الى الالتقاء بأبناء طائفتهم او ديانتهم وممارسة شعائرهم ومعتقداتهم في مكان آمن ولائق!!
ان البهرة يتواجدون في الكويت منذ نصف قرن وهم أقل الفئات ارتكابا للجنح، دع عنك الجرائم!! والسماح لهم ببناء مسجد لا يعني ابدا زرع فتنة في البلاد، فهذه مبالغة سمجة لا يمكن قبولها ممن يصفون أنفسهم بالمدرسين... والمربين!!
الموضوع واضح ولا يعني غير أن ضعف هؤلاء العددي والاقتصادي سمح للكثيرين باهانتهم بالطريقة التي تروق لهم، ولو كانوا أصحاب شأن اقتصادي كبير أو انتخابي صغير لكانت آراء 'انسانيينا' فيهم غير ذلك تماما!!
نتمنى على مجلس الوزراء اعادة النظر في قرار المجلس البلدي الجائر، والسماح لمن شاء ببناء ما شاء من دور عبادة خاصة بهم، فمن حقنا عدم السماح بذلك فقط عندما نتوقف عن مطالبة الغير بها لأنفسنا!!

الارشيف

Back to Top