ع.ع. وإمامة الصلاة
التقيت في سنة الغزو، وبالدقة في أواخر أغسطس 1990، وفي فندق 'شيراتون الرياض'، حيث كنت أقطن وعائلتي بعد خروجنا من الكويت، بالاخ احمد الفهد، مدير مكتب سمو الأمير حاليا، وكان وقتها مسؤولا كبيرا في وزارة الخارجية.
بسبب خلفيتي التجارية والعقارية، طلب مني الأخ احمد تولي مهمة الاشراف على اسكان عدد من العائلات الكويتية التي لجأت للرياض وقتها في بعض المباني الحكومية السكنية هناك، وذلك بعد فرشها بالمناسب من الاثاث.
تطورت الأمور بسرعة اكبر من مشروع تأثيث عدد من العمارات، بعد ان بدأ عدد اللاجئين بالتزايد بشكل متسارع ومخيف، وكان لا بد بالتالي من التفكير بطريقة عملية اكثر لمساعدة عشرات آلاف الاسر التي لجأت الى الرياض، هربا من بطش صدام وجنده، والتي كانت غالبيتها من غير مال او مأوى.
التأم شملنا في المقصورة الملكية في ملعب الملز في الرياض، وكان عددنا يتجاوز المائة من المتطوعين للعمل من اجل اعاشة الاسر الكويتية المعوزة. واثناء العمل رفع اذان صلاة الظهر، واتذكر يومها ان الاخ 'ع.ع.'، وكان قبل الغزو يعمل بوظيفة حكومية مرموقة في الكويت، تقدم نحوي وطلب مني ان أؤم الجميع في الصلاة!! اعتذرت بلباقة وطلبت منه تولي الأمر نيابة عني. فأصر على رأيه وقال اني كبيرهم سنا ومقاما وخبرة، وان الغزو العراقي لوطننا الغى جميع الحواجز بين فئات المجتمع، واننا الآن اخوة متحابون، وان علينا نسيان الفوارق المذهبية، فقد سقطت الى الابد! بقيت على اصراري بعدم تولي امامة الصلاة. وهنا، ولكي يضعني أمام الامر الواقع، امسك بيدي ورفعها وقال: يا جماعة ما كو فرق بين سني وشيعي، كلنا كويتيون والاخ احمد سيصلي بنا جميعا! سحبت يدي بهدوء واعتذرت له وللجميع للمرة الثالثة، وانتهى الامر على خير.
بعد التحرير تولى ذلك الاخ المؤمن والمصلي والطيب، الذي قام في نهاية الامر بالصلاة اماما في ذلك الجمع، مسؤولية جهة مهمة تابعة لوزارة الاوقاف، وذلك لارتباطه سياسيا بجمعية تابعة للتنظيم العالمي للاخوان. ولكن سرعان ما تم اعفاؤه من منصبه بعد سنوات قليلة بهدوء ومن دون ضجة، فخرج من الوظيفة والكويت مطأطئ الرأس من ثقل ما حمل في جيوبه من مسكوكات الجهة التي عمل فيها!!
تذكرت تلك الحادثة وانا اقرأ خبر تبخر 8 ملايين دينار من اموال وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، وهي من الاموال التي خصصت للجنة تهتم بالصرف على المساجد وترميمها وتزويدها بما تحتاجه من مستلزمات 'ضرورية'، وتنظيم الانشطة والفعاليات الدينية (!)
تضاف هذه الفضيحة الى فضيحة الخمسين مليون دينار التي خصصت لوزارة الاوقاف لصرفها بالهبل على انشاء مركز الوسطية العالمي الهلامي، وهو المبلغ الذي اختفى، كما اختفى قبله قالب ثلج شاه ايران قبل السابق، وهذه قصة سنوردها في مقال لاحق!