من الذي يستحق إقامة الحد عليه؟
أجرت 'الوطن' مقابلة مطولة مع النائب أحمد باقر، وزير العدل السابق، بتاريخ 7/28، وسنقتطف منها الفقرة التالية لتعلق موضوعها بنا شخصيا، والخاصة باللجان الخيرية، حيث ورد التالي:
'المبدأ ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته. واللجان الخيرية تقوم بدورها في الكويت بكل أمانة وحرص، ولهذا نقول أعلمونا عن اي قضية ادينت فيها هذه اللجان، فان فشلتم فأنتم من يستحق اقامة 'الحد عليه'(!!). والبينة على من ادعى، ونقول لهم اثبتوا أي بينة على اي جمعية خيرية بانها اجرمت او اساءت والا فتكونوا انتم 'المجرمون'!
وبما اننا كنا، ولا نزال من اكثر منتقدي تصرفات الكثير من الجمعيات الخيرية، فاننا سنعتبر ما ذكره وزير العدل السابق اساءة لشخصنا، ومن حقنا بالتالي الرد عليه.
اولا: يقول السيد النائب اننا، او كل من هاجم الجمعيات الخيرية، يستحق اقامة الحد عليه ان عجزنا عن اظهار البينة على فساد الجمعيات الخيرية! ولا ادري كيف يصدر هذا الكلام من مشرع ونائب ووزير سابق، وبالذات وزير عدل! فطبقا للمفهوم القانوني المعمول به في الدولة، لا يوجد نص، او اسلوب قصاص، يسمى ب'اقامة الحد'. بل هناك تطبيق لاحكام تصدر عن محاكم مدنية باسم سمو امير البلاد، كما ان هذا يتطلب وجود قضاة ومحامين ومرافعات ومذكرات ودفاع ورد واستئناف وتمييز. فكيف بعد كل ذلك نختصر كل هذا، ونجيز اقامة الحد على زيد لانه فشل في اثبات امر ما، ليقوم ملتح غر بأخذ الامر بيده وتطبيق الحد حسب تفسيره او مفهومه الخاص لهذا النص؟
ثانيا: تقول ان من يفشل في الاتيان ببينة على ما ادعاه فبالتالي يجوز تطبيق الحد عليه وانه من المجرمين! ولكنك لم تقل لنا في المقابل ما الذي تقترح فعله في حال ثبوت التهمة بحق مسؤولي هذه الجمعيات الخيرية؟! فهل سيكونون ايضا من المجرمين، وبالتالي تجوز اقامة الحدود عليهم؟! الا ترى انك لم تكن عادلا هنا.. يا وزير العدل.. السابق؟
ثالثا: تقول ان البينة على من ادعى. ونحن نتفق معك على ذلك، ولكن كيف يمكن اثبات سوء نية او خراب ذمم المشرفين على الكثير من الجمعيات الخيرية، وهي محصنة بفضلك وبفضل الكثير من النواب المنتمين للاحزاب الدينية من خطر فحص دفاترها وحساباتها بدقة، وزيارات وفد وزارة الخزانة الاميركية وتصريحات كبار مسؤولي وزارة الشؤون تصب كلها في اتجاه شبه استحالة معرفة موارد الجمعيات وطرق صرف اموالها. وكل ما نجحت فيه الوزارة وزيارات الوفد العديدة حتى الآن هو الحد من قدرات هذه الجمعيات في جمع الاموال مستقبلا! اما مئات ملايين الدنانير التي جمعت اما باسماء الجمعيات او بالاسماء الشخصية المباشرة للمشرفين، او المنتمين اليها، والتي اودعت في حساباتهم الشخصية، فلا احد في الكون يعرف عنها شيئا؟
ولكي نأتيك بالبينة، فما عليك غير التوسط شخصيا لدى وزير الشؤون ليقوم بالاستعانة بمكتب تدقيق عالمي للقيام بمراجعة سجلات هذه الجمعيات للسنوات الخمس الماضية فقط، وساعتها سترى يا سيدي عجبا.
رابعا: ان شعورنا بان هناك خللا واضحا في طريقة ادارة الجمعيات الخيرية لمواردها المالية، والجهات التي صرفت لها الملايين، نابع من استماتتها في رفض اي محاولة جادة لفحص سجلاتها. وفشل وزارة الشؤون في تعيين شركة تدقيق واحدة للقيام بفحص دفاتر هذه الجمعيات هو الذي جعلنا نشك في تصرفاتها. فطبقا للمثل الواضح الذي تؤمن به، والذي لا يقل عالمية عن مبدأ 'البينة على من ادعى'، 'لا تبوق لا تخاف'! فلماذا كل هذا الخوف والحذر؟
خامسا، واخيرا: ما هو موقفك من حوادث سرقة واختلاس ملايين الدنانير التي وقعت في الكثير من الجمعيات الخيرية في الفترة الاخيرة، كاعانة المرضى والعلوم الاسلامية؟ ولماذا لم يستقل حتى فراش بنغالي بسببها، دع عنك مجالس اداراتها؟