أن تأتي متأخرا
على الرغم مما اشتهرت به 'القبس' من حرص في اختيار عناوين اخبارها، والبعد عن الجارح من الكلام فإنها لم تتردد في وصف خبر وزيرة التربية ب'إعفاء' المشرف العام، رئيسة لجنة تأليف منهج اللغة الانكليزية في الوزارة من عملها وكذلك انهاء انتدابها، كما ورد لها من دون 'تزويق' أو تخفيف من قوة معناه، والذي ينهي عهدا بائسا في تاريخ مناهج وزارة التربية.
تقول السيدة سعاد الانصاري، التي كانت تعمل موجها عاما للغة الانكليزية في وزارة التربية الى ما قبل سنوات قليلة، والتي اختارت بمحض ارادتها الاستقالة من عملها وهي في قمة عطائها، بعد ان يئست من اهتمام اي وزير او وكيل، مر على الوزارة خلال وجودها، بشكواها من العيوب الفادحة التي تضمنها مقرر اللغة الانكليزية للمرحلة الابتدائية وما بعدها، الذي سبق ان فازت ب'مناقصة' تأليفه وإخراجه وطباعته في مصر، شركة محلية، تقول سعاد ان مشاعر متضادة ومتضاربة كثيرة انتابتها لحظة اطلاعها على خبر الاعفاء وانهاء الانتداب. فقد بكت فرحا كما بكت حزنا! فدموع الفرح التي ملأت مآقيها كانت بسبب اكتشاف الوزارة المتأخر أنها كانت طوال الوقت على حق، فيما يتعلق بسوء منهج اللغة الانكليزية، والحقيقة ان الوزارة، والسيدة نورية الصبيح بالذات، عرفت الآن فقط كم كانت هي محقة في مطالباتها الشفوية والكتابية ومقابلتها وتوسلاتها، التي بلغت الستين كتابا رسميا ومذكرة ورسالة، بضرورة اعادة النظر في المنهج ووقف تدريسه، او على الاقل الزام الشركة المنفذة بشروط المناقصة فيما يتعلق بالمادة والجودة ومواعيد التسليم.. ولكن لا احد وقتها اهتم بشكواها وتحذيراتها الامر الذي دفعها إلى ترك عملها، مصدر رزقها وعطائها الانساني، والاتجاه للعمل في قطاع يعرف ويقدر قيمتها بشكل افضل.
وتقول السيدة سعاد ان دموع الحزن التي ذرفتها كانت بسبب كل ذلك الضرر الذي اصاب اولئك الاطفال الذين اضطرتهم الظروف إلى تعلم اللغة الانكليزية من خلال ذلك المنهج المتهالك والبائس، وهو الضرر الذي لا يمكن اصلاحه بسهولة والذي سيبقى مع آلاف الطلبة الى ما لا نهاية، وكأن من وافق على ذلك المنهج قصد ان يكون استيعاب تلك اللغة لدى جيل محدد ضعيفا الى ادنى درجة!
نتمنى ان تعيد وزيرة التربية السيدة نورية الصبيح، الاعتبار، ولو معنويا، للسيدة سعاد الانصاري وتعينها مستشارة في مكتبها لشؤون منهج اللغة الانكليزية، ليس فقط لكونها الوحيدة التي حذرت في وقت مبكر من سوء المنهج الحالي، بل ولما تراكم لديها من خبرات في هذا المجال على مدى سنوات طويلة.