المركز الهلامي لنشر الوسطية
لم يستغرق الامر الكثير لتكتشف جهات عدة ليس فقط خواء وهلامية فكرة انشاء مركز ديني عالمي يعنى بشؤون الوسطية، ولكن لتكتشف ايضا، من خلال تقارير ديوان المحاسبة، ان الفساد المالي هجم على المشروع بأسرع مما كنا نتوقع بسبب فكرته غير الواضحة وغير القابلة للتنفيذ، وعظم ما خصص لتأسيسه وادارته من اموال لا يعرف المشرفون على المركز كيفية صرفها!
فساد الفكرة بدا واضحا منذ اليوم الاول لانشاء المركز، حيث تركزت فلسفته، ان كانت له فلسفة اصلا، على فكر تنظيم الاخوان المسلمين العالمي، وبالتالي انحصرت قيادته، وتاليا منافعه المادية والمعنوية، بأصحاب وجهة نظر دينية محددة تخالف وتتصادم بشدة مع وجهات نظر بقية التنظيمات الدينية الاخرى، فكيف يمكن ان يصدق عاقل ان بإمكان جناح ديني محدد، يعادي ويختلف، فكرا وتنظيما، بقية الاجنحة والتنظيمات السياسية الدينية الاخرى، ان يضطلع بمهمة نشر الوسطية؟ فهو طرف في الخلاف الديني والعقائدي على الساحة ومن تحت عباءته الدينية خرجت تيارات التطرف وانتشرت في اكثر من مجتمع ودولة، فكيف تأتي الحكومة الآن وتكلفه بمهمة نشر الوسطية؟! سؤال نوجهه لحكومة سمو الشيخ ناصر المحمد 'الاصلاحية'!! ونحن على قناعة بأنها عندما خصصت عشرات ملايين الدنانير لهذا المشروع الفاشل والفاسد ماليا لم يحاول احد فيها ان يفكر في الاجابة عن هذا السؤال، او ربما يخطر على بال احد طرحه على الوزير الذي احتضن فكرة انشاء هذا المركز!.
في مقابلة تلفزيونية اجراها تركي الدخيل في 'العربية' مع عصام البشير، عضو حزب الاخوان المسلمين السوداني، والذي احضرته قوى الاخوان الى الكويت لتولي امانة سر مركز الوسطية براتب وبدلات تمثيل وسفر وسكن وانتقال تزيد على 5 آلاف دينار شهريا، وردا على سؤال عن نوعية الوسطية التي يسعى المركز لنشرها، قال 'الامين'، الذي كشفت تقارير ديوان المحاسبة بعضا من تصرفاته: انه يسعى ليضرب بسهم في مسيرة الامة والانسانية وتقديم تصور اسلامي مرتبط بالزمان والمكان والانسان موصولا بالواقع، مشروحا بلغة العصر منفتحا على الاجتهاد والتجديد في محله ومن اهله، جامعا بين النقل الصحيح والعقل الصريح متطورا في الوسائل، ثابتا في الكليات مرنا في الجزئيات، يستلهم الماضي ويعايش الحاضر ويستشرف المستقبل، يرحب بكل قديم نافع وينتفع بكل جديد صالح ويلتمس الحكمة من اي وعاء خرجت.. ولو لم يقاطع مقدم البرنامج هذا البشير النذير خطبته التلفزيونية التي لم نخرج منها بشيء لاستمر السجع معه الى نهاية البرنامج!
والآن كيف يمكن توظيف كل هذه السفسطة في الكلام غير محدد الاطر ولا الاهداف في ردع شباب الكويت والعالمين العربي والاسلامي، وبقية شباب الاسلام في ديار الغرب وثنيهم عن الانخراط في تنظيمات دينية متطرفة تدفعهم دفعا لقتل انفسهم والغير في عمليات انتحارية يائسة وبائسة!
هل يمكن ان يدعي السيد البشير انه حقق اي شيء؟ اكرر أي شيء ملموس منذ ان تولى قيادة مركز الوسطية، غير عقد المؤتمرات في اوروبا واميركا ودعوة المتعاطفين مع فكر الاخوان المسلمين للمشاركة فيها؟ الم تكتشف حكومة الاصلاح بعد ان سبب رغبة نواب السلف استجواب وزير الاوقاف يتعلق في جزء كبير منه باقصائهم عن المشاركة في كيكة مركز الوسطية وحصر تناولها في جماعته؟
واخيرا، ألم يحن الوقت، بعد مرور اكثر من 20 شهرا بائسا على انشاء هذا المركز، لأن تعيد الحكومة النظر في هذا المشروع وتوجه موازنته الضخمة لمكافحة الارهاب داخل الكويت!