زغلول وآرمسترونغ
من الأمور المفروغ منها ان الغالبية الساحقة في اي مجتمع لا تقرأ. وتقل النسبة كلما زاد تخلف المجتمع، ولكن لأسباب تاريخية ولأمور تعود للعادات والتقاليد فإن هناك ما يشبه العداء بين الكتاب والانسان، وليس غريبا ان الامة الوحيدة التي لا تزال تصر على إبقاء الفتاة من غير تعليم، اعتمادا على نصوص محددة، هم المسلمون في غالبيتهم، ولولا القوانين الوضعية التي تجبر الآباء على تعليم بناتهم لكانت الكارثة اكبر.
ومن هذا المنطلق يمكن القول ان قلة قليلة تقرأ، اما الغالبية فإنها تعتمد على 'التقاط' معارفها عن طريق السمع، وحتى ولو جاء غريبا وبعيدا عن المنطق في مضمونه فإنهم لا يفكرون عادة في استقصاء الامر والبحث عن الحقيقة!
قادة وسياسيو الاحزاب الدينية وغوغائيو بعض المساجد والمنابر المسيسة، المكفرين لكل من لا ينتمي اليهم يعرفون هذه الحقيقة خير معرفة، وبالتالي يستغلون اعتماد الغالبية على الثقافة الشفهية وعدم ميلها او 'مقاقتها' للتأكد من صحة وسلامة ما سمعت! وهكذا تمكنوا طوال سنوات من تسريب امور خرافية وقصص كاذبة كثيرة باسم التقاليد والتراث والدين، فعلوا ذلك على ان لا احد سيكترث بتكذيبهم، وان فعل فسوف لن يستمع او يصدق او يقرأ له احد رأيه!
وكمثال على ذلك ما روجه السيد زغلول النجار، المنتمي إلى فكر وحركة الاخوان المسلمين، بعد تحرير الكويت بفترة قصيرة من انه نجح، خلال وجود قوات الحلفاء في السعودية، في إقناع 20 ألف جندي اميركي بتغيير ديانتهم واعتناق الاسلام! وقد تصدينا لهذا الادعاء في حينه ولم يأتنا اي احتجاج او تعليق من اي طرف.
كما يتم في هذه الايام ترويج 'سلايد شو' عن اعتناق 'نيل آرمسترونغ'، أول رائد فضاء اميركي، للاسلام. وانه عندما مشى على سطح القمر في رحلة أبوللو 11 الشهيرة سمع صوت الاذان في الفضاء. وقد صدق كثيرون، وبغباء مفرط، هذه القصة وزاد الاعتقاد بصحتها كلما تكرر ترديدها، وكأننا نعيش في عالم لا مصادر ولا مراجع لديه. والمؤسف في الموضوع، والذي يدعو للرثاء حقا.. ان هذه الاخبار الملفقة تصدر عن منتديات ومدونات معروفة وذات صبغة دينية اسلامية ومن هنا تأتي خطورتها حيث ان كشف زيفها يضر بالجميع، خاصة في الجانب التعبدي من الامر.
ان نيل آرمسترونغ نزل على سطح القمر يوم 21 يوليو 1969 والجملة الوحيدة الشهيرة التي قالها كانت 'هذه خطوة صغيرة لإنسان لكنها قفزة عظيمة للبشرية'. وقضى، وزميله الدرين، على سطح القمر ساعتين ونصف الساعة ولم يقل قط انه سمع أذانا كما تدعي هذه المنتديات. كما تلقى في تلك الاثناء مكالمة الرئيس 'نيكسون'، وعاد للأرض ليعمل بعدها، ولمدة سنة، كرئيس لمكتب الأبحاث والتكنولوجيا المتقدمة في 'ناسا'، واستقال منها، ولم يطرد.. كما اشاعت المصادر السخيفة نفسها، في اغسطس 1972 بسبب قبوله لمنصب بروفيسور في قسم الهندسة الفضائية في جامعة سينسيناتي. علما بأنه دون سيرة حياته في كتاب نشر في عام 2005 وهو يعيش الآن في مزرعته.
ولا ننسى في هذه العجالة كل تلك الادعاءات العجيبة والغريبة التي وردت على لسان اكثر من 'عالم دين' في مؤتمر الاعجاز الاخير الذي عقد في الكويت قبل 6 اشهر، والتي ذكروا فيها توصلهم لعقارات وأدوية 'إسلامية' نجحت في علاج مرض الايدز والوباء الكبدي!.. ولا يزال العالم اجمع بانتظار اكتشاف دواء الزنداني للايدز.