عربية أم إنكليزية؟

وردتني رسالة الكترونية تقول إن الارقام (123456789) هي فينيقية!! معلوماتي المتواضعة تقول غير ذلك، للاستزادة في هذا المجال، ارسلت رسائل الكترونية عدة الى من اتوسم فيهم المعرفة متسائلا عن الحقيقة!!
ككل امر في حياتنا، كان الغموض والاعتقاد بكذا، ورجحان هذا الامر او تلك النظرية السمة السائدة للردود، وربما يعود ذلك لحقيقة اننا ننتمي لثقافة 'شفهية' لم تكن تؤمن، وربما لاتزال، بتدوين الاحداث والوقائع، ما لم تكن ذات طابع ديني بحت، فظروف البيئة القاسية وندرة المواد التي يتطلبها التدوين وطبيعة الحياة التي كانت تحكمها عوامل التنقل التي كان يفرضها غياب دوافع الاستقرار من امن وماء وزراعة او صناعة ومواد خام، ساهمت جميعها في رواج الحفظ والشفاهة في التأريخ، على حساب التدوين والتسجيل، ولو قمنا بفرز كل ما كتب في القرون الماضية من تاريخنا، بخلاف عصر النهضة العربية الاسلامية القصير، لوجدنا ان ما كتب عن تاريخ المنطقة يكاد لا يذكر!! ومن هنا ربما اتت مقولة 'الشعر ديوان العرب'!! فكثير من الاحداث والقضايا والمسائل التاريخية كان من الممكن ان تنسى ولا يرد لها اي ذكر في التاريخ لولا ورود تفاصيل عنها في قصيدة او اكثر، وهذه القصائد كان يتم تداولها، سواء من الشاعر نفسه، او من المعجبين بشعره من بني قومه، شفاهة، ولفترة طويلة قبل ان يتم تدوين ما لم ينس او يفقد منها، وما اكثره!!
نعود لموضوعنا ونقول إن ليس هناك اتفاق تام على اصل الارقام العربية (123456789) او من وضعها وتاريخ وضعها، كحال الكثير من الامور الاخرى في حياتنا، فما هو متفق عليه يتعلق بتصميمها الذي اعتمد على عدد الزوايا في كل رقم. فعدد زوايا الرقم واحد زاوية واحدة (1) وعدد زوايا الرقم (2) زاويتان وزوايا الرقم (9) تسع، وهكذا، اما الرقم صفر فقد رسم بشكل دائري لانعدام الزوايا فيه.
الامر الاخر الذي عليه اتفاق شبه تام ان هذه الارقام كانت تسمى بالغبارية، ولا احد يعرف السبب، ولكن يقال لانها كانت تكتب على اللوح باصبع عليه تراب، وهذا تفسير غير منطقي.
اما اول من استعمل هذه الارقام، او استنبطها، فهناك شبه اتفاق على انه العالم العربي المسلم، الخوارزمي، الذي يعود بنسبه الى خوارزم، (ايران)، والذي قام في بداياته باستخدام الارقام الهندية، التي كانت تستعمل في كتب الفلك، والرياضيات الهندية، ولكنه قام بعد فترة بوضع ارقام اخرى، تعتمد على عدد الزوايا، ولكنها لم تجد حظها من الانتشار في الشرق، حيث فضل غالبية المدونين الاستمرار في استخدام الارقام الهندية (1 - 2 - 3 - 4)، نظرا الى شيوع استخدامها بينهم، ولكن ولسبب ما، انتشرت ارقام الخوارزمي الجديدة في دول شمال افريقيا، ومنها انتقلت الى الاندلس حيث تعرف عليها الاوروبيون واستخدموها بعد ان وجدوا انها ليست فقط اكثر عملية من اللاتينية المعقدة، بل ولاحتوائها على الصفر!
بغياب المصادر الموثوق بها لا يمكن الجزم بشيء، ولكن عدم قيام اي جهة اخرى في العالم بادعاء نسبة هذه الارقام لها يعني ان قصة الخوارزمي هي الاقرب للتصديق، وعليه نطالب الحكومة وكل الشركات والمؤسسات باستخدام هذه الارقام لوضوحها وسهولتها، وهذا ما اتبعته ادارة المرور في لوحات ارقام المركبات.

الارشيف

Back to Top