الشر يعم والخير يخص
كشف مصدر في بيت الزكاة أنه تقرر ان يكون نصيب كل فرد أو رب أسرة ممن تقدموا بطلب المساعدة المالية من تبرع الشيخ سالم العلي مبلغا يتراوح بين 400 إلى 1000 دينار (!!)، كما أكد المصدر أن لجنة من الباحثين والمؤرخين ستشكل لتوفير قاعدة بيانات عامة لأبناء وأحفاد الشهداء الذين سقطوا في حروب الكويت القديمة، كالصريف، والرقة، والقصر، الاحمر، وذلك لتعويضهم من تبرع الشيخ الكريم.
لست معنيا بتحليل الجوانب، أو الأهداف السياسية لتبرع الشيخ سالم العلي، فلهذا الأمر فطاحلته، ولكني معني اكثر بالجوانب الاجتماعية للموضوع، فأن يقرر ما لا يقل عن 100 ألف كويتي، ومن واقع 70 ألف طلب لفرد وأسرة، الدخول في معمعة مذلة السؤال وتعبئة البيانات وعدم التردد في إراقة ماء الوجه بمراجعة مختلف الجهات الرسمية والمصارف لطلب تزويدها بشهادات تثبت عسرهم او عجزهم عن تسديد ما تراكم عليهم من ديون، امر ليس بالهين ويجب ألا يمر مرور الكرام في دولة صغيرة لم يتجاوز متوسط عدد سكانها في السنوات الخمسين الماضية 350 ألف نسمة وتجاوز دخلها السنوي في الوقت نفسه مئات مليارات الدولارات وكانت، وايضا في الوقت نفسه، اقل الدول الخليجية فسادا من الناحية المالية!! فهذا جميعه ينبئ بوجود خلل اجتماعي خطير يجب عدم تجاهله، فكيف يمكن ان نصدق ان الإعسار المادي اصاب 10% من السكان في دولة يزيد متوسط دخل الفرد فيها على سبعة آلاف دينار، بين مواطن بالغ وطفل ومسن ووافد؟!
لا شك في ان نسبة ممن تقدموا بطلباتهم للحصول على مبلغ 400 دينار من تبرع الشيخ سالم هم بحاجة للمبلغ، ولولا ذلك لما خاضوا المعترك اصلا!! ولا شك ايضا ان نسبة اخرى غير صادقة في ادعائها، ولكن محصلة الموضوع كله ليست في مصلحة احد في نهاية الامر فجميعنا خاسرون!
اما ما تعلق بموضوع صرف مبالغ مادية لأبناء وأحفاد الذين استشهدوا في معارك الكويت القديمة فإنها بادرة جليلة، ولا يقلل من جلالها انها جاءت متأخرة لأكثر من قرن، علما بأن من بين أسماء من سيكرمون من هم من أبناء أسرة الحكم، وهذا حق لا جدال فيه، ولكن يثار هنا تساؤل محدد: لماذا لم يتم استغلال جزء من تبرع سمو الشيخ سالم لسداد مبالغ الاحكام المالية التي صدرت بحق بعض ابناء الاسرة من الذين امتنعوا عن الوفاء بها لسبب أو لآخر؟ ومكتب 'خدمة المواطن' على علم بالكثير منها، وأنا لست طرفا ومتنازل مقدما عن أي حق لي في هذا الموضوع، إن الأمر جدير بالالتفات له، خصوصا إذا علم ان فعل الخير يخص فاعله أساسا، ولا تسري فوائده بالتالي على الآخرين، اما فعل الشر فإن آثاره عكس ذلك تماما حيث يعم ضرره الجميع!! وما نقصد قوله هنا واضح.