مأزق جمعية إعانة المرضى
أعلنت 'جمعية إعانة المرضى'، التي اختلس محاسب مصري كان يعمل لديها بنظام ال'بارت تايم' أكثر من 12 مليون دولار من اموالها، اعلنت للصحافة ان اموال الصندوق 'عائدة.. عائدة.. عائدة'. ولمح المتحدث باسمها الى ان 'جهات مالية مليئة' تتحمل مسؤولية دفع مبلغ 12 مليون دولار للجمعية لوقوع خطأ وظيفي منها ترتب عليه استيلاء المتهم على الأموال! ومن الواضح أن هذا تلميح الى أن مصرف (...)، الذي تتعامل معه الجمعية، والتي يسيطر عليها متشددون دينيون، سوف يقوم في نهاية الأمر بتعويضها عن كامل مبلغ الاختلاس اضافة الى اجور المحامين ومصاريف السفر وتكاليف ملاحقة حسابات المتهم في مختلف دول العالم، وهذا يعني ان التعويض النهائي سيتجاوز 15 مليون دولار، ستدفع من جيوب مساهمي المصرف، حسب ادعاء مسؤولي الجمعية! وهذا ما اشك في حصوله. فعملية الاختلاس تمت على مدى 4 سنوات، قام المصرف خلالها بارسال عشرات كشوف الحساب لمجلس ادارة ومدققي حسابات الجمعية، والتي نالت مصادقتهم سنة بعد أخرى دون اعتراض. وقد تضمنت تلك الكشوف بيانات أكثر من 490 شيكا و33 تحويلا مصرفيا للخارج قام المتهم باصدارها لمصلحته أو لمن تعاون معه على مدى تلك السنوات! فكيف يمكن أن نصدق أن المصرف سيأتي الآن ويقر بأنه كان على خطأ، ويدفع 15 مليون دولار تعويضا لجمعية صندوق اعانة المرضى التي يجب ان يتحمل مجلس ادارتها منفردا مسؤولية تجاهله لكل مكاتبات البنك وكشوفه طوال تلك الفترة! فمن الاستحالة الاعتقاد بأن مجلس ادارة الجمعية لم يكن يعلم بحقيقة حجم أموالها على مدى سنوات أربع؟ ولو آمنا بأن التعويض، ولأسباب سياسية حزبية، سيدفع للجمعية في نهاية الأمر، لأن المصرف اقر بمسؤوليته، حسب قول مسؤولي الجمعية، فما الذي دفع هؤلاء المسؤولين لعقد مؤتمرهم الصحفي الأخير والتصريح من خلاله بأن المتهم قام بالفعل بصرف جزء كبير من المبلغ المختلس على بناء بيوت وترميم أخرى عائدة لأهل بلدته التي كان يزمع الترشح فيها للانتخابات النيابية، وانه ثبت قيامه كذلك بصرف أموال كبيرة أخرى على العلاج والدراسة، وانه كان يساعد كل من يطلب منه المساعدة! فمعنى كل هذا الكلام ان المصرف لن يتمكن من استعادة جزء كبير مما سيدفعه للجمعية، بعد ان صرف المتهم غالبية أمواله على مدى سنوات أربع وبكرم غريب.
أما قطعة الأرض التي تباهى مسؤولو الجمعية باكتشافهم لملكية المتهم لها، والتي قدروا ثمنها بمليون ونصف المليون جنيه، فلا يعني ذلك الكثير، فهذه الجنيهات لا تساوي أكثر من 75 ألف دينار، والمبلغ المطلوب يقارب ال 4 ملايين! كما ورد في المؤتمر الصحفي الذي عقدته الجمعية والذي خصص جل وقته للدفاع عن موقف مسؤوليها من عملية الاختلاس التي تعرضت لها على مدى 4 سنوات، ومحاولة تبرئة ذمتهم بشكل كامل وتام. ورد على لسان احد كبارهم ان 40% من مساعدات الصندوق تذهب لأبناء الجالية المصرية، والستين في المائة الباقية تصرف على الجنسيات الأخرى التي يزيد عددها على 140 جنسية!
وهذا يعني ان الجمعية لا تقوم بالصرف على موزعين أو مرضى كويتيين بالشكل الكافي وفضلت بدلا من ذلك توجيه جزء كبير من مساعداتها الى الخارج أو لغير الاقربين في الداخل. وتم ذلك بطبيعة الحال لاقتناع مسؤولي الجمعية بعدم وجود معوزين حقيقيين بين المواطنين بحاجة لمساعدات الجمعية أصلا!
ولو صح أو صدق ذلك فانه يعني بطلان، أو عدم جدية، غالبية الخمسة والخمسين ألف طلب (نكرر 55 ألفا) التي قدمت أخيرا لبيت الزكاة للحصول على منحة سمو الشيخ سالم العلي!
فمن نصدق؟ جمعية إعانة المرضى أم أصحاب ال 55 ألف طلب مساعدة؟! ولو ثبتت صحة وجود 55 ألف معسر كويتي فان هذا يعني أن أي مبلغ تخرجه 'الجمعيات الخيرية' للخارج يعتبر في حكم الجريمة بحق هؤلاء المواطنين! اختاروا أحد الأمرين فكلاهما مر!