تقرير 'الفايننشال تايمز '

عند بداية تأسيس المؤسسات المالية التي سميت 'الإسلامية'، كانت تصرفاتها تخضع لرقابة داخلية شديدة. وكانت تحرص، بدهاء واضح، على عدم استخدام اي مصطلحات مصرفية يمكن الاستدلال منها على عدم شرعية أعمالها.
مع اشتداد حمى المنافسة بين المصارف التقليدية ومنافساتها 'الإسلامية' وزيادة حجم أموال 'البترودولار' في السوق الخليجي بالذات، ودخول مختلف المصارف في مسابقات الجوائز السخية، التي ادت ألى تسرب الاموال من جهة الى أخرى، تخلت المؤسسات المالية الإسلامية عن تحفظاتها 'الشرعية' السابقة واصبحت هيئاتها الرقابية اكثر مرونة واكثر براغماتية، او تحسسا للواقع، وظهر ذلك واضحا في اعلانات هذه المؤسسات التي اصبحت تدعي بأنها تمنح أعلى الفوائد على الودائع الثابتة، وهذا ما لم يكن احد يجرؤ على قوله قبل سنوات، علما بأن الفوائد لا يتم الاتفاق عليها، غالبا، بصورة مسبقة.
وعلى الرغم من ان النصوص الشرعية تمنع الفوائد، وتؤكد على ضرورة قيام المؤسسة المالية بمشاركة المتعاملين معها في الارباح والخسائر، فان الواقع، وعلى الرغم من كل البلاغات اللفظية التي تقوم تلك المؤسسات بالاستعانة بها، يدل على ان الممارسة العملية والتطبيق الفعلي غير ذلك في غالب الاحيان. وقد بين تقرير نشرته صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية الرصينة ان ما لا يزيد على 5% فقط من عمليات التمويل الإسلامية تتم وفق الشريعة!! فالربح الذي يحققه اي مصرف إسلامي من عملية 'مرابحة' يتعادل تماما، في غالب الأحيان، مع الفائدة التي يتقاضاها البنك التقليدي، فعملية تمويل شراء بيت مثلا عن طريق مؤسسة إسلامية بنظام الإجارة لا يختلف كثيرا عن شراء البيت نفسه بنظام الفائدة الثابتة او المركبة من مصرف عادي.
كما بينت دراسة الصحيفة ان المصارف الإسلامية، على الرغم من خبراتها التي تزيد على 30 عاما، واصولها التي تجاوزت 300 مليار دولار فانها لم تقم بإضافة اي قيمة حقيقية الى اقتصادات دولها، كما لم تساهم في تطبيق العدالة في المجتمعات الإسلامية (والعكس ربما يكون اقرب الى الصحة بسبب اصرارها على توظيف نوعية معينة من الموظفين)، كما انها فشلت في الانخراط في النموذج الاميركي في ما يتعلق بما يسمى ب 'رأس المال المخاطر' الذي يعنى بتمويل المشاريع الاستثمارية الجديدة التي تكتنفها المخاطر والتي يتبناها عادة رجال الأعمال العصاميون. وان ما نراه أمامنا من انشطة 'إسلامية' لايزيد على كونه نوعا من صور المخادعة اللفظية!
نقول ذلك ونترك الباقي لاجتهادات القارئ.

الارشيف

Back to Top