حريري الكويت
'.. لا تطعمني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد..'
(مثل صيني)
* * *
بقدر ما سعدت لمبادرة الشيخ سالم العلي الصباح بالتبرع بمبلغ 100 مليون دينار للمحتاجين من الكويتيين ولاسر الشهداء، بقدر ما حزنت لعدم توجيه ذلك التبرع السخي في الطريق الاكثر فائدة وجدوى على المدى الطويل.
ان تسليم جزء كبير من هذا المبلغ لجهات غير رسمية، والكثير منها غير مرخص لها، خاصة تلك التي حامت شبهات كثيرة حول تصرفات العاملين عليها، لن يكون امرا حميدا. كما ان توزيعه بطريقة قد تقترب من العشوائية سوف يذهب بالفائدة التي توخاها المتبرع في المقام الاول.
ما نود التأكيد عليه هنا ان توزيع هذا المبلغ في غياب قاعدة معلومات عن الجهات المستحقة سوف يخلق بلبلة ولغطا. وان وجدت قاعدة البيانات فانها ستكون مقتصرة على فئة محددة محسوبة مسبقا على طرف سياسي واحد. كما ان التوزيع يصبح اكثر صعوبة في غياب معايير توزيع واضحة.
ولكن كان من الممكن ان يكون صرف هذا المبلغ مجديا اكثر لو تم تخصيصه مثلا لتطوير التعليم بشكل عام او تنفيذ خطة طموحة خلال فترة قصيرة نسبيا يتم فيها احتضان عشرة الاف كفاءة من ابناء الاسر المتعففة والصرف عليها حتى التخرج في التخصصات النادرة التي نحن احوج ما نكون اليها في ميادين الهندسة والطب وغير ذلك من المجالات النادرة!!.
ربما تتسبب الطريقة التي تم بها تحديد الهدف من التبرع في اظهارنا وكأننا شعب شبه معدم. كما ان المبلغ لن يذهب الى المحتاج بصورة تلقائية، بل على المحتاج السعي للحصول عليه، وهذا ما لا طاقة للكثيرين به، وهذا قد يدفع بعض المحتاجين الفعليين منهم الى عدم التقدم بطلبهم!!
الارجح ان احدا لن يلتفت الى كلامنا هذا وسيتم توزيع المبلغ في فترة قياسية، لمن يستحق ولمن هو غير اهل لذلك، وسيقوم هؤلاء بصرفه على ما يسوى وعلى ما لا يسوى، وسنبقى بعدها على تخلفنا وتأخرنا. فالملابس الجديدة والاجهزة الكهربائية الحديثة والهواتف النقالة المتطورة لن تزيد من تطور او تعليم انصاف المتعلمين منا!!
ان الفرصة لا تزال سانحة لان يكون لنا 'حريري كويتي'!! والشيخ سالم قدها واكبر منها. وشكرا له من القلب مرة اخرى على كل تبرعاته السخية، فما ذكرناه لا يلغي حسن مقصده وصفاء نيته.