طابور 'أوما سليما
أقدمت 'اوما سليما' السيلانية الجنسية، على الانتحار قبل ايام شنقا في المنزل الذي تعمل فيه، وبهذا يضاف اسم 'اوما' إلى العشرات، لا بل المئات، الذين سبقوها في طابور الخدم والعمالة الهامشية الذين اختاروا الانتحار او التخلص من بؤس حياتهم في الكويت بلد الرخاء والخير والامن والعدالة، على العيش في ظروفهم البائسةِ
وعلى الرغم من تعدد حالات الانتحار هذه، وتزايد وتيرتها بشكل مقلق، فإن اي جهة معنية بالموضوع كوزارة الشؤون، او جمعية حقوق الانسان او الجامعة لم تقم بمحاولة دراسة هذه الظاهرة، ومعرفة الكامن وراءها من اسباب، وعما اذا كان هناك عامل محدد يربط بينها ويجمعها، لكي يمكن استغلاله لتقليل وقوع هذه المآسيِ
لا شك ان البيئة او الطريقة التي يعيش ويعمل بها الكثير من خدم المنازل هؤلاء، اضافة الى طبقة عمال شركات النظافة لا يمكن تصور سوئها وقسوتها الشديدة، وخلوها من الكثير من مظاهر الاحترام للنفس البشرية، والتي ربما تكون العامل الاهم الذي يدفع هؤلاء للتخلص من حياتهمِ
ولكن من السذاجة، بل والظلم، ترداد ما يقوله البعض من ان هؤلاء الخدم من المحظوظين لمجرد تمكنهم من القدوم لدول 'النفط' والعمل فيها مقارنة بالملايين من اقرانهم الذين لم تتح لهم هذه الفرصة والذين على استعداد لبذل الغالي والرخيص للقدوم الى الكويت وغيرها للعملِ
وبالرغم من صحة هذه الفرضية في جانب منها، فإن هذا يجب ألا يبرر الطريقة غير الانسانية التي يعامل بها هؤلاء من قبل نسبة كبيرة من مستقدميهم، خاصة من طبقة محددة من المواطنين بالذات، فعلى الرغم مما تمثله الكويت وغيرها من دول النفط من رخاء في بال الكثير من مسحوقي الدول الفقيرة بسبب التفاوت الكبير في مستوى المعيشة، فإن احلامهم هذه سرعان ما تختفي بحكم الواقع، وذلك عندما تبدأ المقارنة بما يمتلكونه او سيمتلكونه مع ما يتمتع به الآخرون من ثراء، وهنا يبدأ مفعول الضغط النفسي المصحوب بالحزن على فراق الاهل والوطن بفعل مفعوله، ويؤدي الى حالات الانتحار هذه، خاصة اذا علمنا بأن نسبة كبيرة من هؤلاء الخدم تضطر للاستدانة والتورط في قروض مالية عالية تدفعها ل 'مافيا الخدم' ثمنا لحصولها على عقد العمل في دول الخليجِ
ان احدى جامعات الكويت مطالبة بإجراء دراسة ميدانية لهذه الظاهرة بالتعاون مع الجهات المعنية كالشؤون والداخلية وجمعية حقوق الانسانِ كما نطالب مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بأخذ مبادرة تمويل هذه الدراسة، والحرص على اخراج توصياتها لحيز التنفيذ ليس فقط رحمة بسيئي الحظ هؤلاء، بل وايضا رحمة بما يلحق بسمعة الكويت من سوء في كل مرة تنشر فيها وسائل الاعلام خبر انتحار عامل او خادمةِ
***
ملاحظة:
لفت احد القراء نظري لما دأب عليه كاتب اسلامي من وصفي ب 'المتستر بالعلمانية'، وسألني عن السبب في ذلك، فقلت له ان من المعروف ان المتشددين الدينيين، او من يتسترون بالدين لتحقيق مآربهم الشخصية يعادون العلمانية ويكفرون المنتمين لهاِ وبالتالي، فمن المضحك حقا قيام متشدد ديني بالسخرية من مناوئه العلماني، ووصفه بالمتستر وراءهاِ
وكان حريا به، لو كان بعيد النظر، ووصف العلماني بالعلماني فقط، وليس بالمتستر وراءها، فالتستر عادة يكون خلف شيء جيد لإخفاء امر معيب، ولكن لقد اسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا 'حياء' لمن تناديِ