أبشري بطول سلامة أيتها الجمعيات الخيرية
بعد الكارثة المالية والاخلاقية والسياسية التي ورط مجلس ادارة 'جمعية اعانة المرضى' فيها نفسه وبقية الجمعيات المتأسلمة الاخرى الخيرية، قام وزير الشؤون الاجتماعية بإصدار قرار بتفويض وكيل التعاون بتسمية المفتشين والمندوبين المكلفين بضبط المخالفات والجرائم المتعلقة بالجمعيات الخيريةِ كما اصدر قرارا آخر يتعلق بتشكيل لجنة تكون مهمتها دراسة المخالفات المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 24 لسنة 1979 (الذي لم يطبق قط في حق اي جمعية 'خيرية' منذ 27 عاما) والبت في احالة مرتكبيها الى التحقيق!
ونحن نود هنا ان نستبق نتيجة تفويض الوزير لوكيل التعاون بتسمية مفتشي الجمعيات الخيرية، ونستبق كذلك قراره المتعلق بتشكيل لجنة دراسة المخالفات واحالة مرتكبيها الى التحقيق، لنؤكد ان شيئا من هذا لن يحدث، فلا المفتشون سيكون بمقدورهم دخول مكاتب الجمعيات والتفتيش على دفاترها، وان هي فعلت ذلك فإنها لا تمتلك لا الخبرة ولا الدراية لتدقيق سجلاتها، هذا اذا اعترفت اي من الجمعيات اصلا بوجود سجلات كاملة لمداخيلها ومصاريفها للسنوات العشر الماضية على الاقلِ كما ان احدا في هذه الجمعيات لن يدان ولن تكتشف حالات الاختلاس او السرقة، علنية كانت او مخفية، وسيقول المفتشون واعضاء اللجان للوكيل والوزير ان كل شيء عال العالِ وان مليارات الدولارات التي جمعها مئات رجال الدين والدعوة طوال السنوات العشر الماضية على الاقل، باسم جمعياتهم الخيرية قد صرفت، ولله الحمد والشكر والطاعة، في اوجهها الشرعية والصحيحة فلسا فلسا من دون هدر او محاباة لأحد او سرقة او اختلاس!
ولو اخذنا 'جمعية العون المباشر، لجنة افريقيا' كمثال على حجم عمل هذه الجمعيات النقية والطاهرة، لوجدنا ان هذه الجمعية، وباعتراف رئيسها العائد من مزرعته الخاسرة في 'مدغشقر' والتي كان ينوي المتاجرة بمنتجاتها من ثمر الونيلية vanilla قد انفقت 133 مليون دينار (اي نصف مليار دولار) خلال العشرين سنة الماضية، وهذا لا يمثل بالطبع ما استطاعت جمعه خلال الفترة نفسها! ولو علمنا ان هناك اكثر من 120 جمعية ولجنة في الكويت، والبعض منها يفوق حجم اموالها ما لدى هذه الجمعية بكثير، لعلمنا مقدار الجهد المطلوب من وزارة الشؤون للقيام به، والذي لن تقوم به.
نعود ونكرر ان مجالس ادارة هذه الجمعيات ستخرج بريئة ونظيفة من كل لجان البحث والتحري والتحقيق والتدقيق بعد ان اصبحت دولة داخل الدولة، وستثبت الايام صدق توقعاتنا.