لكل شيء ثمن

يقول المثل الإنكليزي there is no free lunch أي 'لا يوجد شيء أو وجبة طعام مجانية، فهناك مقابل لكل خدمة'.
شارك جميع اللبنانيين تقريبا، خاصة سياسيوهم في السكوت، وأحيانا كثيرة في القبول أو الدعم والمشاركة، على قيام حزب سياسي مدني، وهو حزب الله وطوال 24 عاما، بتسليح نفسه بمختلف أنواع الأسلحة ومن مختلف المصادر! ومن الصعب بالتالي تبرئة أو إخلاء طرف أي جهة سياسية أو عسكرية من هذا الأمر، خاصة بعد فترة اكتمال انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان عام 2000!
ومن المضحك، أو المؤسف، في هذا السياق رؤية ممثلي مختلف الجهات السياسية اللبنانية وهم يحاولون تبرئة أنفسهم، وأحزابهم، من الدمار الشامل الذي ضرب جميع الأنشطة الاقتصادية والتجارية والزراعية والسياحية والطبية والتعليمية في بلادهم التي تقدر بأكثر من 9 مليارات دولار، حسب تقديراتي الشخصية، ومحاولة القاء التبعة على هذه الجهة أو ذاك الحزب! فاللبنانيون، على الرغم من محبتنا لهم ومصاهرتنا لهم وسكننا بينهم، هم سبب كل المآسي والمشاكل التي وقعت لهم ولوطنهمِ وبالتالي من العبث، برأينا المتواضع، توجيه كل اللوم لإسرائيل أو تحميل ايران المسؤولية أو القول ان سوريا هي سبب كل العلل! هذه هي الحقيقة التي يعرفها الكثيرون، ولكن لا يودون البوح بها مخافة جرح مشاعر هذا الطرف أو خدش حياء تلك الجهةِ وقد كان الرئيس اللبناني الأسبق شارل الحلو، والذي كان في فترة ما صحافيا محترفا في 'لوريان لوجور'، أحد هؤلاء الصرحاء عندما قال لوفد نقابة الصحافة اللبنانية الذي قدم للتهنئة بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية: أهلا بكم في وطنكم الثاني لبنان!
نقول ذلك بمناسبة الترحيب الكبير الذي لقيه الكلام عن نية الجمهورية الاسلامية في ايران مساعدة لبنان، أو شيعتها بالذات، في تعمير ما خربته الآلة العسكرية الاسرائيلية الهمجية اثناء الحرب الأخيرة!
ان لإيران اجندتها ومصالحها الخاصةِ وما ستقدمه للبنان بيد قد تطلب في اليد الأخرى مقابلا لهِ ففي عالم السياسة ليست هناك صداقات دائمة بقدر ما هناك مصالح دائمةِ ومن الحصافة بالتالي الشك في ان ايران لا تقوم باستقطاع مئات ملايين الدولارات من قوت شعبها الفقير واعطائه للبنان لأسباب انسانية، أو حتى طائفية بحتة أو لسواد عيون شيعتهاِ بل لأن لها أهدافا في ذلكِ والدليل ان شيعة باكستان وأفغانستان مثلا أكثر فقرا وحاجة للمساعدة الانسانية من شيعة لبنان! ولكن ايران لم ولن تقدم لهم أي مساعدة قط، لأن ليس بإمكان هؤلاء ايلام أميركا في الجانب الذي يؤلمها أكثر، ألا وهو اسرائيل، وبالتالي ابتزازها أو الحصول على التنازلات منها.
وعليه فان السماح لإيران، مباشرة أو عن طريق حزب الله، بالتدخل في الشأن اللبناني الداخلي ودعم وتغليب مصلحة فئة طائفية على حساب فئة أخرى سوف يرسخ أكثر وأكثر من نفوذ وقوة ايران في الشأن اللبناني، وبالتالي استمرار معاناته نتيجة تشرذمه وتفرقه!
ان اللبنانيين، وقادة حزب الله بالذات، مطالبون برفض المساعدة المالية أو العينية الايرانية المباشرة، بل يجب ان تعامل مساعداتها كما تعامل المساعدات التي وردت أو التي سترد من مختلف دول العالم من دون شروط أو قيود طائفيةِ وان مرت مساعداتها كما تشتهي، فسيكون أمر الكثيرين مناطا ولسنوات طويلة مقبلة برغبات وأهواء ومصالح حكومات خارجية! ولكن من بإمكانه مقاومة مغريات الحياة الكبيرة والعظيمة؟
***
ملاحظة:
تورط النائب سعدون حماد العتيبي بشكل أو بآخر في حادث الاعتداء على نائب مدير ادارة العلاج بالخارج، شكلت لجنة تحقيق برلمانيةِ رفض النائب حضور جلساتها لأن ليس للجنة الحق في ذلك، من وجهة نظرهِ واليوم هدد النائب نفسه باستجواب وزير الصحة ما لم يصلح أوضاع ادارة العلاج بالخارج! فهل هناك مشروع مقاصة بين الطرفين يلغي الوزير التحقيق أو يتهاون فيه، ومن طرفه يسقط النائب استجوابه؟ وحتى اهانة نيابية اخرى نتمنى لكم نوما سعيدا!

الارشيف

Back to Top