الطائي وبوفيت وبيل

كان رجل الاعمال الاميركي وارن بوفيت لفترة طويلة واحدا من اغنى اغنياء العالمِ ثم اصبح لفترة قصيرة الاول في قائمة الاكثر ثراء قبل ان يأتي مواطنه بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت لينافسه على مركز الصدارة ويتجاوزه بمراحل بثروة قاربت في وقت من الاوقات الثمانين مليار دولار.
بادر بيل غيتس وزوجته قبل سنوات بإنشاء صندوق بيل وايميلدا للاعمال الخيرية، وهذا الصندوق الخيري لا يخضع بالمناسبة لجمعية الاصلاح الاجتماعي ولا يتعاون مع جمعية احياء التراثِ وخصص للصندوق في البداية بضع مئات الملايين من الدولارات، ثم اخذ رصيده بالارتفاع تدريجيا ليدخل خانة المليارات، قبل ان يعلن بيل غيتس انه سيقوم خلال السنتين المقبلتين بالتقاعد التدريجي من عمله كرئيس تنفيذي لشركة مايكروسوفت العملاقة، مع بقائه في مجلس الادارة، ليتفرغ لادارة الصندوق، بعد ان يتبرع له بغالبية ثروته الطائلة.
ولهذا السبب بالذات قرر الملياردير وارن بوفيت التبرع فورا لصندوق بيل وايميلدا الخيري ب85% من ثروته التي تقارب الاربعين مليار دولارِ وصرح بانه رفض فكرة تخصيص صندوق خيري لنفسه لعدة اسبابِ فهو اولا يعتقد بان بيل وايميلدا، وهما لا يزالان في مقتبل العمر، ويصغرانه بربع قرن على الاقل، اقدر منه، بسبب خبراتهما في مجال الانشطة الخيرية، في ادارة هذه الثروة الكبيرة.
كما انه، وهذا هو المهم، ترك وراءه ما يكفي ابناءه واحفاده للعيش برفاهية لسنوات وسنوات، وايمانا منه بنكران الذات فإنه لا يود، في حياته او بعد مماته، ان يخلق لنفسه صيتا او اسطورة لا تنسى اسمها وارن بوفيت! بل يرغب في ان يرى هذه الثروة الكبيرة التي حققها تعود لمن كان السبب وراء تحقيقها، اي الآخرين من بني البشرِ علما بان صندوق بيل وايميلدا نجح حتى الآن في اكتشاف العلاج لعدد من الامراض والاوبئة التي تهلك الكثيرين في افريقياِ كما انه غير مقتصر على جنس او جنسية او ديانة معينةِ وسنرى في السنوات المقبلة نتائج هذا الصندوق الخيري الذي سيصب في مصلحة البشرية جمعاء.
ولكن ماذا يحدث في الجانب الآخر من المحيط؟
نبني مسجدا، لا يتكلف النصف مليون دولار، او نضع براد ماء خارج المنزل ولا ننسى وضع لافتة كبيرة تحمل اسم المتبرع 'الكريم'!
لو كنا شعوبا كريمة، كما تتغنى ادبياتنا وتقول اشعارنا، لما كان حاتم الطائي اسطورة حتى اليوم!
* * *
ملاحظة: في الوقت الذي اعلن فيه وارن بوفيت وبيل غيتس عن تبرعهما بأكثر من 80 مليارا لخير البشرية، اعلن المفتي السعودي بن جبرين حرمة نصرة حزب الله اللبناني، سواء بالماء او الرجال، او حتى بالدعاء! ولا نزال نصر على أننا خير أمة.

الارشيف

Back to Top