جاء من سفر ليبقى بيننا
يمكنك الجزم، وأنت مرتاح الضمير والقلب والفؤاد، بأن هناك فسادا مستشريا في أي مكان تجد فيه طابورا لمواطنين أو مقيمين بانتظار انجاز معاملاتهم! فعندما يكون هناك ترهل وظيفي وتخمة عجيبة في عدد موظفي وزارات وادارات دولة صغيرة كالكويت، وتكون هناك اجهزة كمبيوتر بامكانها انجاز اصعب العمليات في اقصر الاوقات، وتكون هناك دراسات وابحاث قيمة متوافرة عن كيفية انجاز مختلف الاعمال في دقائق بدلا من أيام، ومع كل ذلك تتراكم المعاملات، وتخلق طوابير الانتظار الطويلة فان هذا يعني وجود فساد متعمد!
فطوابير ادارات الهجرة الطويلة تعني ان هناك فسادا ورشوة وواسطة في إنهاء المعاملات، وهذا الفساد يساءل عنه وزير الداخلية مباشرة!
وعندما يكون هناك تأخير في انجاز مختلف معاملات وزارة الشؤون، فهذا يعني ان هناك فسادا مستشريا ومتعمدا وهذا يساءل عنه وزير الشؤون.
وعندما يكون هناك طابور طويل لطالبي الكشف الصحي، فان هذا يعني وجود فساد مستشر في تلك الادارة ويساءل عنه وزير الصحة.
وعندما يكون هناك طابور انتظار طويل في مختلف دوائر بلدية الكويت وتأخير متعمد، مع سبق الاصرار والترصد، في انجاز المعاملات، فهذا يعني ان هناك فسادا ورشوة وخوة تدفع هنا وهناك، وهذا يساءل عنه وزير البلدية!
وعلى الرغم من ان الامثلة كثيرة، فان من السهل حصرها والقضاء عليها بجرة قلم.
ولو اخذنا ادارة فحص العمالة الواردة في وزارة الصحة كمثال، لوجدنا ان من السهل جدا انهاء كل المعاملات المتأخرة خلال ايام بالعمل ساعات اضافية، ومن ثم وضع خطة مستقبلية سهلة لإنهاء اي عملية خلال دقائق قليلة! علما بان ارقام العمالة الوافدة الموجودة في البلاد في اي يوم معروفة، ونسب تزايدها معروفة، وعدد عمليات الفحص المطلوب من الادارة القيام بها في الاشهر الستة القادمة معروفة، وبالتالي فان اي تأخير في الانجاز مقصود منه بقاء الفساد والرشاوى في تلك الدائرة لمصلحة اطراف معينين قد يكون بينهم فراش بسيط او موظف كبير!
هذه هي الامور التي نتمنى ان يتفرغ لها عدد قليل من نواب المجلس القادم ويحاولوا وضع حلول لها مع الوزراء المعنيين!
ولكن بقاء هذا الوضع الفاسد هو في مصلحة النائب اولا واخيرا!
فوجود الفساد يساعده على التدخل لدى الوزراء المعنيين والطلب منهم إنهاء التافه والصعب من معاملات ناخبيه، وهذا من شأنه تبييض وجهه امامهم!
ووجود الفساد يساعد الوزير على التخلص من تهديدات النواب بالاستجواب، كما ان وجود الفساد يساعد الحكومة على ابتزاز النواب وشراء ذممهم في المراحل السابقة على التصويت على اي قرار مهم في المجلس!
واخيرا فان بقاء الفساد بوضعه الحالي هو في مصلحة عدد كبير من موظفي الدولة، كبارهم وصغارهم، ولا ننسى هنا الخبرات الكبيرة التي تراكمت لدى عدد لا بأس به من العمال البنغاليين في هذا المجال!
خلاصة القول: إن الفساد بيننا وجد لكي يبقىِ وسوف لن ينتهي مهما كتبنا عنه او اشتكينا من وجوده، وكل ما نطمح اليه هنا هو التقليل من تسارع استشرائه، وهذا اقل ما هو مطلوب منا فعله كمواطنين!
ملاحظة: اتصل بي مواطن، حسب ادعائه، وذكر ان بامكانه كشف كل المفسدين في جهاز طبي مهم في حال حصوله على مبلغ مالي كبير، وذكر انه سيقوم بالاتصال بي مرة اخرى في حال كتابتي عن الموضوع!
***
ملاحظة: أثناء القاء النائب السابق حسين القلاف كلمته الوداعية بعد فشله في الحصول على مقعد نيابي في الرميثية، دخل مجلسه النائب السابق الآخر صلاح خورشيد، فأشار اليه القلاف وقال: هذا كان حامل منطقة الرميثية كلها بخدماته، وكنت انا أمثل المبادئ! ولم يرد السيد خورشيد على الاهانة بشيء!