قصة واقعية من الإنترنت
كتبت مدرسة موسيقى القصة التالية: من خلال تجاربي مع الاطفال وجدت ان لديهم قدرات موسيقية مختلفة جدا، إلا انني لم احظ قط بتلميذ معجزة.
وبدلا من ذلك كان لدي العديد ممن ممثلوا تحديا لقدراتي وصبريِ 'روبي' كان احد هؤلاء، كان عمره 11 عاما عندما نزل من سيارة امه واتجه نحوي حيث كنت اقف امام بيتي وبيده مظروف يحتوي على الرسوم الاولية لدروس الموسيقى، وما ان اطمأنت امه عليه حتى تحركت مغادرة بسيارتها العتيقة وهي تلوح بيديها بالتحية لي، دون ان تترك لي مجالا لكي ابين لها انني افضل تعليم من هم في سن اصغر، وهذا ما قلته لروبي فقال ان لامه حلما وحيدا هو ان تسمعه يعزف لها على البيانو.
وما ان بدأت الدرس معه حتى تبين لي أن أي محاولة لتعليمه العزف محكوم عليها بالفشل لا محالةِ وعلى الرغم من ان روبي كان يبذل جهدا كبيرا وصادقا في التعلم فانه كان يفتقد بشكل واضح أي احساس بالنغم، او بالقدرة على احراز اي تقدم ملحوظِ ولكنه على الرغم من ذلك كان مثابرا في اداء واجباته، وتعلم بالفعل عزف بعض النغمات الاساسية البدائية.
مع مرور الاسابيع والشهور، وعلى الرغم من استمرار محاولاته لتعلم شيء جديد او جيد، وعلى الرغم من كل التشجيع، وما كنت ابديه من صبر، فان مستواه لم يتقدم كثيرا، على الرغم من تأكيده لي في نهاية كل اسبوع ان امه ستسمع عزفه في يوم ما، ولكن كان واضحا ان ذلك اليوم سوف لن يأتي أبدا.
خلال هذه الفترة كلها لم تتح لي فرصة التحدث مع ام روبي، واقتصرت العلاقة بيننا على تبادل النظرات عن بعد او هز الايدي بالتحية.
وفجأة توقف روبي عن حضور الدروس، وعندما تكرر غيابه فكرت في الاتصال هاتفيا بمنزله والسؤال عنه، ولكني ترددت في ذلك وقلت انه ربما توقف من تلقاء نفسه بعد ان تبين له اخيرا ان لا فائدة ترجى منه، وشعرت بشيء من الراحة عند توصلي الى ذلك التفسير.
بعدها بأسابيع ارسلت بطاقات دعوة الى منازل كل طلاب وطالبات ذلك الموسم الموسيقي للتواجد في مسرح مدرسة المنطقة مع ابائهم وامهاتهم لإحياء حفل عزف منفرد لكل منهم.
وكان مفاجئا قيام روبي بالاتصال بي طالبا السماح له بالحضور، ولكني اعتذرت له عن عدم قبول طلبه، حيث ان الدعوة، والتي ارسلت به بطريق الخطأ، تخص اولئك الذين استمروا في حضور الدروس، فقال ان امه كانت مريضة طوال فترة غيابهِ وانه كان يقوم بالتمرين على العزف في البيت، واخذ يرجوني ويتوسل الي ان اسمح له بحضور الحفلة.
لا ادري ما الذي دفعني على الرغم مني للسماح له بالحضور، ولكن توسله كان يصعب رفضه.
في ليلة الحفلة كانت القاعة ممتلئة عن اخرها بأولياء الامور واصدقائهم، وقررت ان القي كلمة الشكر في نهاية الحفلة وان اسمح لروبي بعدها فقط بالعزف، فان اساء، وهذا ما هو متوقع منه، فستكون ستارة المسرح هي المنقذ!
سار كل شيء على ما يرام، والقيت كلمة الشكر وطلبت من روبي التقدم الى خشبة المسرح، وكان ظهوره مفاجأة ليِ فملابسه كانت بحاجة الى الكي، كما كان حذاؤه متسخا، اما شعر رأسه فقد بدا وكأن آلة خفق بيض قد لعبت به، وتساءلت عن السبب الذي منع امه من القيام بتمشيط شعره على الاقلِ كانت المفاجأة الثانية التي لم اكن متأهبة لها ما اعلنه عن نيته عزف 'كونشيرتو رقم 21' لموزارت! ولكن المفاجأة الكبرى كانت الطريقة التي عزف بها فقد تنقلت اصابعه برشاقة غريبة على لوحة المفاتيح مبينة عذوبة اللحن وجماله بشكل لم يتوقعه احد، وما ان انتهى من وصلته، التي حبس الحفل انفاسه اثناءها، حتى وقف الجميع مصفقين لجمال ادائه!
وصعدت المسرح مسرعة والدموع تملأ عيني وقلت لروبي، وانا احتضنه: لماذا لم اسمعك من قبل تعزف هكذا، كيف استطعت فعل ذلك؟ فرد روبي قائلا من خلال المايكروفون وهو ينظر إلي:'اتتذكرين يا سيدتي ما سبق ان قلته لك من ان والدتي مريضة؟ في الحقيقة كانت مصابة بالسرطان، وقد ماتت صباح اليومِِ وامي ولدت وهي لا تسمع، وهذه هي الليلة الأولى التي تسمعني فيها وانا اعزف، ولهذا اردتها ان تكون ليلة مميزة'!
لم تبق في الصالة عين لم تمتلئ بالدموع.