التدين ليس مطية
يتمتع رجل الدين في العالم الإسلامي بدرجة لا بأس بها من الأهمية والاحترام، ويتضاعف هذا الاحترام اذا كان رجل الدين هذا، ولأي مذهب انتمى، ينحدر نسبة من مقام ديني سام.
ولحفظ سمعة رجل الدين وصون اسمه وما تمثله هيئته لدى العامة من اهمية، فإنه يتوجب عليه النأي بنفسه عن المواقف والاماكن التي قد يتسبب وجوده فيها بضرر شخصي له او لما يمثله من عقيدة.
ولهذا كنا، ولا نزال، من أشد المعارضين لفكرة تولي رجال الدين مناصب الدولة العليا، كما هو حاصل في ايران مثلا، او الاشتغال بالسياسة والنيابة، كما هو الامر في كثير من الدول الأخرى!
فتواجد رجل الدين، بهيئته ومركزه الديني، في هذه الانشطة يعرضه في احيان كثيرة للمساءلة وللطعن في ذمته المالية والتشكيك في حقيقة دوافعه من مختلف المسائل والقضايا التي تعرض عليه، كمسؤول او كنائب.
كما انه، وبسبب ضغوط العمل، معرض لفقد اعصابه وبالتالي التلفظ بما لا يتوقع منه التلفظ به، أو سماع ما لا يتفق ومقامه الديني! وقد بينت المعركة اللفظية التي جرت بين مجموعة من النواب الملتحين تحت قبة البرلمان صحة رأينا هذا!
كما اثبتت قضية شركة 'الوسيلة' ان الوصولية والانتهازية المتمكنتين من نفوس بعض النواب وجيوبهم من الاتجاه الديني المتشدد وغير المتشدد لا تقلان عن تلك التي لدى غيرهم من النواب الآخرينِ وان الموضوع، أو المصلحة المادية هي المسيطرة في نهاية الامر.
كما تبين ايضا ان التدين الشديد، او التظاهر به، لم يمنع احد الوزراء من التوصية بتعيين شخص من طائفته في منصب قيادي! ولم يمنع هذا وزيرا ملتحيا آخر من النجاح في تمرير تعيين احد المحسوبين على طائفته وحزبه الديني لمنصب قيادي آخر!
وهكذا نرى أن التدين، كان ولا يزال، يستغل كمطية للوصول الى تحقيق المصلحة المالية او المنصب الرفيعِِ لا فرق في ذلك بين العادي التدين او الشديد التدين!